مانشيني.. فخامة الأناقة تكتمل بساعة المليون
الأناقةُ ليست خاصَّةً بالمرأة فقط.. فهذا مفهومٌ تجاوزه الزمن.. إذ باتت أناقة الرجل صناعةً، تدرُّ المليارات.. وأصبحت دورُ أزياءٍ عالمية تستهدف الرجال دون غيرهم بالموضة والملابس والساعات الفاخرة.. صار الأمرُ كالحرب، والسباق، والتحدي، والبحث عن ملايين المتسوِّقين الأنيقين حول العالم كله.. لا يمكن أن يكون هناك رجلٌ لا يعرف رجلًا آخر، يهتمُّ بمظهره وملابسه وتفاصيله الصغيرة.. إذا لم تعرف أحدًا بصفةٍ شخصيةٍ، فبالتأكيد تعرف عشرات المشاهير، الذين تتمحور اهتماماتهم حول ما يميِّزهم، ويمنحهم إطلالةً، تجعلهم أكثر بريقًا ولمعانًا من الآخرين.. ومن أجل هذا، هناك مصمِّمٌ أمريكي، يدعى رالف لورين، يعيش عامه الرابع بعد الثمانين حيًّا يرزق على هذه الأرض، يقول: «عندما ترتدي ما يعجبك، تشعر بأنك الشخص الذي تريد أن تكون».
كلامٌ مثل هذا يبرِّر لمدرب المنتخب السعودي الأول لكرة القدم الإيطالي حينما يدفع مليون ريال عدًّا ونقدًا لشراء ساعةٍ، تلتفُّ حول معصمه الأيسر.. هناك بين مساعديه، وربما يجلس إلى جانبه دومًا، ويتحدَّث معه طويلًا، مَن يرتدي ساعةً، لا يتجاوز ثمنها 100 دولارٍ، لكن الفرق البسيط بين روبرتو مانشيني والرجل الآخر، هو بالضبط ما قاله رالف لورين.
في الدوحة القطرية، حرَّك مانشيني الكثير من المياه الراكدة.. انتهج أسلوبًا مثيرًا للجدل بكلامه، وطرقه، وإخراجه ستة لاعبين من قائمةٍ سيعتمد عليها في المناسبات الدولية المقبلة.. أيضًا اجتذب الأنظار بساعة يدٍ سوداء من نوع «RM67-02».. ساعة تؤكد المواقع العالمية المهتمة بالساعات الفاخرة، أن مَن تعجبه، ويشعر بأنها تشبهه، يتوجَّب عليه دفع مبلغٍ، يفوق المليون ريالٍ.. في الدوحة حيث خسر الأخضر المهمة الآسيوية، وقف مانشيني كثيرًا على خط التماس، يوجِّه، ويترقَّب تحرُّكات لاعبيه.. هناك أعينٌ كثيرةٌ، ترقَّبت سكنات هذا الإيطالي الأنيق، الذي ارتدى «بدلةً» من صناعة دار جورجيو أرماني الإيطالية.. المهتمون بالأناقة وأسرارها، كانوا أكثر مَن راقب مانشيني بسبب ساعته المليونية.. وما كانت الدوحة وأجواؤها، هي التي حصدت السبق لإظهار أناقةٍ ظاهرةٍ مع وجهٍ حادٍّ وقوي.. نادرًا ما تلتقط عدسات المصورين مانشيني ضاحكًا، أو مبتسمًا، وهذا جزءٌ من سلوكياته وشخصيته.. لكن العدسات ذاتها التقطت صورًا عدة للساعة السوداء، تعكس شيئًا من شخصية الإيطالي، الذي عاش في أجواء كرة القدم لاعبًا ومدربًا ما يتجاوز 40 عامًا.
ساعة مانشيني، التي راح الزميلان المصوِّران بشير صالح وعلي خمج يمارسان معها شيئًا من البحث عن المجهول، وهما يلتقطان لها عشرات الصور، تنتمي إلى علامة «ريتشارد ميل» السويسرية ذائعة الصيت، وقد اختاروا لها هذا الاسم تيمُّنًا بصانع الساعات الفرنسي الشهير ريتشارد ميل.
هذه الشركة تتعامل مع مانشيني بالذات من بين وجوهٍ كثيرةٍ، تضعها فيما يشبه قائمتها المفضَّلة، أو زبائنها الذهبيين.. هناك إلى جوار مانشيني يقف العدَّاء الجنوب إفريقي وايد فان نيكريك، واللاعب القطري معتز برشم، وسائق سباقات السيارات الفرنسي سيباستيان أوجيه، والمتزلِّج على الثلوج الفرنسي أليكس بانتورو.. هناك بالطبع الكثيرون ممَّن يرتدون الساعة السويسرية باهظة الثمن، لكن هؤلاء هم أشهر مَن عرفتها أيديهم بدليل أنه صُمِّم لكل واحدٍ منهم ساعةٌ خاصَّةٌ، تتزيَّن بعلم بلاده.. وفي أحد أحاديثه الإعلامية، وحينما وجَّهوا له سؤالًا مباشرًا حول أناقته الدائمة، أجاب مانشيني: «الأناقة شيءٌ فطري، إما أن تمتلكها، أو لا. هي شيءٌ يشبه البيانات الشخصية مثل الاسم، وتاريخ الميلاد، وتعكس شخصية الإنسان».
ربما قال مانشيني ما قاله المصمِّم الأمريكي رالف لورين، لكن مع تغيير كلماتٍ بسيطةٍ، كما يغيِّر المتنافسون بيادق الشطرنج داخل مقهى بسيطٍ، اعتاد زبائنه على الإضاءات الخافتة..!