بنزيما.. رحلة مزعجة مع الحظ السيئ
ينقل عن أحد الفلاسفة الرومان مقولة شهيرة عن الحظ السيئ وهي: «الحظ لا يكتفي بإطاحة رجل وإنما يجعله كذلك يتدهور على عقب ومن هشيم إلى هشيم»، وكأن الفيلسوف الروماني يعبر عن حال الفرنسي كريم بنزيما، مهاجم فريق الاتحاد الأول لكرة القدم، الذي لازمه الحظ السيئ منذ أن وطئت أقدامه المدينة الساحلية.
بنزيما المولود في ضاحية برون تيراليون بمدينة ليون، ثاني أكبر مدن فرنسا الشهيرة بأنها الضاحية التي أصبحت مركزًا للمهاجرين الأفارقة ومعروفة بفقرها وجريمتها، كانت طفولته وحياته في الملاعب مليئة بالتحديات والمصاعب والتي شكلت هويته وجعلته ضمن أحد أعظم اللاعبين في تاريخ فرنسا وريال مدريد.
لم تكن البداية القوية التي قدمها الفرنسي مع الفريق الأصفر والتي كانت أقوى بداية رسمية له مع فريق خلال مسيرته، وهز الشباك في باكورة مبارياته بشعار «النمور» حين تغلبوا 2ـ1 على الترجي التونسي في كأس الملك سلمان للأندية العربية.
حظ البدايات الذي رافق النجم الفرنسي في مشاركته الأولى مع أصفر جدة لم يستمر طويلاً وبدأت سلسلة النحس والحظ السيئ تلاحقه منذ أن أضاع جزائية أمام عبد الله المعيوف، زميله الحالي وحارس مرمى الهلال السابق، خلال فوز «الأزرق» 3ـ1 على الاتحاديين، 5 أغسطس الماضي لحساب ربع نهائي كأس الملك سلمان للأندية العربية.
وسجل نجم ريال مدريد السابق أسوأ بداية خلال مسيرته على الصعيد القاري، بعد أن خلفت الانطلاقة القارية للمهاجم الفرنسي العالمي مع فريق الاتحاد الأول لكرة القدم ذكرى سيئة لحامل الكرة الذهبية 2022، خلافًا لتجربتيه السابقتين اللتين خاضهما خلال مسيرته الاحترافية، حين استهل الفرنسي مشاركاته في دوري أبطال آسيا بالخسارة 0ـ2 أمام القوة الجوية العراقي في رابع جولات مرحلة المجموعات.
وتتابعت الأحداث بعد تلك الخسارة حيث اشتعلت شرارة الخلاف بين بنزيما والبرتغالي نونو سانتو، مدرب الفريق الجداوي السابق، في غرفة الملابس والذي وجه نقدًا لاذعًا للنجم الفرنسي الكبير إذ قال له: «أنت لاعب كبير لكن يبدو أنك تتكاسل في الضغط على الخصم». فرد بنزيما: «لا توجه الكلام لي فقط، تحدث مع المجموعة كاملة».. وهو ما أثار المدرب الذي رد غاضبًا: «أنت قائد الفريق وقدوة اللاعبين وأهم لاعب فيه، يجب أن تبادر وتكون مثالاً لكل اللاعبين»، الأمر الذي أغضب الفرنسي وجعله يتحدث إلى مسؤولين رسميين في النادي، بأن استمرار سانتو لا يلبي تطلعات النادي الأصفر الكبير وأن وجوده يعيق تقدم الفريق حتى تمت إقالته لاحقًا.
كريم بنزيما الذي يصف الجميع شخصيته بالهادئة والخجولة، ودع تلك السمات ربما بعد ارتدائه قميص الفريق السعودي، ولم تمضِ فترة على نهاية خلافه مع سانتو المدرب الراحل حتى اشتعل خلاف جديد مع الأرجنتيني مارسيلو جاياردو، المدرب الجديد للفريق الاتحادي، ونشرت «الرياضية» أن التوتر بين جاياردو وبنزيما بدأ عندما تخلف الثاني عن تدريبات الفريق في جدة، التي سبقت عودة اللاعبين استعدادًا للمغادرة إلى مدينة دبي الإماراتية من أجل التحضير للمعسكر الإعدادي، الذي استمر أسبوعين، فوقتها رفض المدرب أن ينضم المهاجم الفرنسي إلى المعسكر، وفرض عليه برنامجًا خاصًا يزاوله بمقر النادي في جدة، قبل أن تنتهي المشكلة وتعود المياه إلى مجاريها بين الفرنسي ومدربه.
لم يكتف سوء الحظ بملاحقة الفرنسي وحده، بل دفع فريقه الثمن عندما أهدر النجم ذاته جزائية أمام الأهلي المصري، 15 ديسمبر الماضي، لحساب الدور الثاني من كأس العالم للأندية في جدة ما أدى إلى خسارة فريقه 1ـ3.
يقولون في فرنسا: «صباح يبدأ بالعنكبوت هو يوم كله غم»، وهكذا ربما بدأ بنزيما صباحيته في جدة بعد أن بلغ به سوء الحظ إلى أكثر من إضاعة ركلة الجزاء، بل تعداه إلى إحراز الأهداف في مرمى فريقه، بعد أن زار شباك فريقه مرتين أمام التعاون ومن ثم أمام نافباخور الأوزبكي وكادت الأخيرة أن تنهي حظوظ فريقه في البطولة القارية لولا كرم الأوزبك الذي أبى لاعبهم إلّا أن يرد الهدية للاتحاديين ويحرز لهم هدف الانتصار في مرمى فريقه بالرمق الأخير، ويتأهل الاتحاد إلى ربع نهائي دوري أبطال آسيا.
في كل إجازة يطير بنزيما إلى مكة المكرمة لأداء شعيرة العمرة، ويحتاج في العمرة المقبلة أن يدعوا الله كثيرًا أن يخلصه من سوء الحظ والنحس المشؤوم الذي بات كابوسًا يهدد أحلامه وطموحاته، وقد ينهي، في حال استمراره، مشواره مع النمور الذين باتت أعصاب جماهيره لا تحتمل المزيد حتى وإن كان الضحية أفضل لاعبي العالم ورجل البلندور.