العالم الذي نعيش
* مقال اليوم حول أخبار ودراسات العالم الذي نعيش، العالم الذي كلما قرأت أخباره، وجدت مثلًا شعبيًّا، ينطبق عليه، وهو: «كل على همه سرى». ولا أجد أصدق من هذا المثل في وصف شؤون العالم.
محبو كرة القدم، يرون العالم بطولات كرة قدمٍ، ومحبو الأفلام السينمائية، يرونه في الأفلام وحكايا نجوم الشاشة، أمَّا المزارعون، فيرونه في نباتات الأرض والحصاد. كلٌّ يرى العالم من زاويته التي يفضِّلها، ويعتقد أنها الأجمل. حتى محبو الطعام، يرون العالم أطباقًا شهيةً.
في بلدةٍ إيطاليةٍ، يخرج عشرات المواطنين أسبوعيًّا ليمارسوا رياضة المشي تشجيعًا لرئيس البلدية الذي زاد وزنه. وارتفع وزن رئيس البلدية من 90 كيلوجرامًا أثناء توليه الرئاسة إلى 140، ملقيًا اللوم على طبيعة عمله التي حرمته المشي، إضافةً إلى أكل البلدة اللذيذ. ذكَّرتني أعذار رئيس البلدية بأحد الزملاء السِّمان، وكان لا يتوقف عن أكل الحلويات. كان يقول بعد كل لومٍ يتلقاه منا لارتفاع وزنه: «لست أنا صدقوني.. المشكلة في الشركات التي تصنع الحلويات اللذيذة»!
كذلك ذكَّرتني الحلويات بحكايةٍ، سردها لي أحد المحاسبين. يقول إنه كان الأذكى في فصله، وكان هناك طالبٌ بالكاد يحقق العلامات التي تنجيه من الرسوب وإعادة السنة، لكنه كان ماهرًا في صناعة حلوى شعبيةٍ، تعلَّم تحضيرها من والدته. بعد مرور السنوات، افتتح هذا الشخص محلًا لبيع الحلوى، وحقق نجاحًا، وتوسَّعت أعماله، وأنا الآن أعمل محاسبًا عنده! لم يكن المحاسب متذمرًا، وهو يحكي حكاية زميله في المدرسة، بل كان يشير إلى ذكاء الطالب الذي كان يدرك أن الحلوى اللذيذة التي قدَّمها لزملاء الفصل، هي كنزه المستقبلي. ربما يتوجَّب إرسال بعضٍ منها إلى رئيس بلدية البلدة الإيطالية.
* تعرَّض فريق الدرَّاجات الأسترالي المشارك بدورة الألعاب الأولمبية في باريس للسرقة، ومع كامل محبتي لباريس، وكل المدن الأوروبية الشهيرة، لكنْ حوادث السرقات زادت فيها بشكلٍ مقلقٍ! وأذكر عندما أردت صعود القطار في العاصمة الفرنسية مع أحد الأصدقاء المقيمين، قام بتحذيري: «احذر النشالين، إياك أن تضع حقيبتك خلف ظهرك، ضعها أمامك، وتمسَّك بها جيدًا عندما تفتح الأبواب عند كل محطةٍ، تمسَّك بهاتفك بقوةٍ، ولا تبدو وأنت تسير وكأنك غريب»! كانت تلك زيارتي الأولى، ويومي الأول في باريس، كنت قادمًا وفي مخيلتي رومانسيات مدينة الأضواء، التي حوَّلتها تحذيرات صديقي إلى رعبٍ! ربما بالغ في تحذيراته، لأنني غادرتها وفي قلبي محبةٌ، ورغبةٌ في العودة إليها.