كلام ويك إند
ـ ارتبك عقلي لكثرة ما تخيلت أني لاعب أولمبي، إذا شاهدت منافسات السباحة تخيلت أني سبّاح، وإذا شاهدت الرماية تخيلت نفسي راميًا معهم، لعبت الجمباز، ونلت إعجاب الجماهير وأنا أعبر خط النهاية بالترياثلون الشاق، كما صفق لي الجمهور الصيني وأنا أتفوق على الصينيين في كرة الطاولة.
أما حكام القوس والسهم فقد حرصوا على مصافحتي. ومن الطبيعي أن أحصل على الميدالية الذهبية في كل المسابقات، فمن غير المعقول أن أتخيل مشاركاتي في المسابقات ثم أخرج نفسي منها دون الحصول على المركز الأول! قولوا ما شاء الله.
ـ عندما التقيت بأحد الأصدقاء كان معه شخص لا أعرفه، قدَّمه الصديق: هذا الأخ خالد، متقاعد حاليًّا، ويدعي أنه محلل نفسي. قلت على الفور: حلو.. هذا ما أبحث عنه، شخص مختص بالتحليل النفسي. ابتسم خالد وطالبني بالجلوس بجانبه. قلت: أستاذ خالد.. عقلي لا يكف عن العمل، يُحضر لي عشرين موضوعًا في الدقيقة الواحدة، ما أن أفكر في شيء حتى أقفز لشيء آخر، ما أن أتخيل شيئًا حتى أجد نفسي في خيال آخر، في بعض الأحيان يوسوس لي بأمور مقلقة حتى أجد نفسي خائفًا، وفي بعض الأحيان يدفعني نحو الشجاعة حتى يصبح عنتر بن شداد تلميذًا في فصل من فصول شجاعتي. عقلي لا يهدأ يا أستاذ خالد. تحمس خالد وبدت على وجهه الجديّة واقترب مني أكثر، ثم نظر نحوي وقال: تصدق أنا مثلك.. وش الحل؟
ـ لم أعد أستمع للأغاني الجديدة إلا قليلًا، بالكاد أجد لحنًا جاذبًا وكلمات مدهشة. أعلم أن الأذواق تختلف، وما لا يناسبني يناسب غيري. أفسر ذلك بأني تشبعت من فكرة الأغنية التي تدور بين أحبك وتحبني، والسهر أتعبني، ويا خاين، وقلبي طيّب، وأنت لا تستحق محبتي. ربما كبرت على هذه المرحلة، أو كبرت فعلًا، صرت أعود للاستماع لأغانٍ عربية قديمة، أكتشف موسيقاها من جديد، ووجدت نفسي قبل أيام وأنا أستمع لإحدى أغاني البيتلز «بك وبدونك» مع قراءة الترجمة للعربية، أغنية تذهب لأعماق الإنسان، وتحاول فتح نوافذ العقل، هذا شيء منها:
كنّا نتحدث عن المسافة بيننا جميعًا
والناس الذين يختبئون وراء جدار من الوهم
لا يلمحوا الحقيقة أبدًا، ويكون قد فات الأوان عندما يحضرهم الموت
كنا نتحدث عن الحب الذي أصبح باردًا
والناس الذين يكسبون العالم ويفقدون أرواحهم.