تغريدات الطائر الأزرق
تغريدات «إكس» في الأيام الماضية كانت أولمبية بجدارة، لكن ليست جميعها روحها رياضيّة، بعضها كان بعيدًا عن روح الرياضة، خصوصًا تلك التي علّقت على ما أثير حول البطلة الجزائرية إيمان خليف. من الغريب أن يغرد ترامب وإيلون ماسك وتعلق رئيسة الوزراء الإيطالية عن الملاكمة إيمان، ويصفوا فوزها على الملاكمة الإيطالية بالغير عادل لأنها تشبه الرجال. أحد المسؤولين في الأولمبياد قال إن إيمان فتاة حسب كل الإثباتات، حتى الملاكمة الإيطالية اعتذرت وتمنت لها الفوز. عشرات الآلاف من المغردين أيضًا كتبوا عن إيمان، بعض التغريدات كانت منصفة، كون إيمان فتاة ولدت بهذه الملامح، وبعض التغريدات كانت قاسية وجارحة دون الاهتمام لمشاعرها. ليس غريبًا على بعض الناس أن يتحدثوا فيما لا يعرفون، أن يتهموا الآخرين دون علم، هذه عادة إنسانية قديمة لا يتخلص منها إلا المحترمين. لم أستمع أو أقرأ عددًا من شكاوى الرياضيين أكثر مما قرأته وسمعته عن أولمبياد باريس 24، ولم يخيّل لي أن نهر السين سيكون في أوقات ما غير صالح للسباحة لكثرة تلوثه، لقد حطموا صورته التي حملتها عنه الصيف الماضي، عندما كانت أنوار الشوارع تتلألأ عليه وكأنها أقمار، الآن أيها النهر المظلوم ينطبق عليك المثل الشعبي «من فوق هالله هالله ومن داخل يعلم يعلم الله». أبدأ بأول تغريدة اخترتها من حساب مقولات واقتباسات ملهمة، الحساب اقتبس لكارل يونغ، وأشعر بمقولة كارل أنها توّرط أكثر مما تفيد، لأنها تدعو للإبداع والابتكار وعدم تقليد الآخرين، المبدعون يدفعون أثمانًا غالية، تصل بهم أحيانًا إلى البؤس «إذا كان الطريق الذي تسلكه واضحًا، فمن المحتمل أنك تسير على طريق شخص آخر» ذكرتني المقولة بأحد تجار العطور عندما سألته: «لماذا لا تصنع عطورًا بروائح جديدة بدلًا من الروائح المقلدة؟ أجاب أنه يفضل التقليد لأن لا عناء ولا مجازفة فيه». لم أناقشه ولم أعترض، كان شخصًا واقعيًا، يعرف أن للابتكار والإبداع أثمانًا كبيرة، أولها أن الأغلبية في البداية تقاوم ما هو جديد حتى وإن كان في مصلحتها. محمد البلادي نقل عن رجل اقترب من السبعين، الرجل قال ما يستطيع الشباب الاستفادة منه وهم في بدايات مواجهتهم للحياة: «سُئل رجل على مشارف السبعين: هل غيرتك الحياة للأفضل أم للأسوأ؟ فأجاب: لا أعرف.. لكنني أدركت بعد هذه المرحلة أنني لا يجب أن أكون مثل «أطلس» الذي أرهق نفسه بحمل العالم كله فوق كتفيه في أساطير الإغريق القديمة.. ولذلك لم أعد أنتقد الناس حتى عندما أدرك أنهم على خطأ، ولم يعد يهمني إصلاح الجميع وجعلهم مثاليين، بعد أن أيقنت أن السلام مع الكل أفضل من الكمال الوهمي. لم أعد أنزعج من تجعد ثيابي أو من نقطة سوداء تقع عليها، لأني بُت أدرك أن الجوهر أهم بكثير، ولأنني أعرف جيدًا من أنا أصبحت أتعامل بهدوء ولا مبالاة مع المستفزين والمجادلين ومن لا يعرفون قدري. لا أعرف إن كنت بهذا قد تغيرت للأسوأ أم إلى الأفضل، ما أعرفه هو أنني سعيد بما وصلت إليه لأنني أستمتع بكل لحظة في حياتي، واستمتع بعلاقتي مع الله». أخيرًا تغريدة طريفة لأحمد باسي «لا أعلم كيف يفتحون هواتفهم ببصمة الوجه، وهم كل يوم بوجه جديد!».