الذكاء الاصطناعي.. وبعدين معاك!
علماء من الدنمارك وأمريكا أرادوا أخذ حصتهم من كعكة الذكاء الاصطناعي، فالاستثمار فيه اليوم أشبه بالاستثمار في الإنترنت والبرمجيات عند انطلاقتهما. كان عليهم أن يقدموا تطبيقًا ذكيًا مختلفًا، فكَروا وتناقشوا وخرجوا بتطبيق ذكي يخمّن للإنسان وقت وفاته! العلماء استخدموا بيانات أفراد يعيشون في الدنمارك، واعتمدوا على معلومات مثل المستوى المادي للفرد، وإذا ما كان مدخنًا، قالوا أن تطبيقهم حقق نسبة نجاح بلغت 78%، والأشخاص الأكثر مالًا هم الأطول عمرًا، وأصحاب الوظائف الصغيرة يعيشون أقل من أصحاب الوظائف المرموقة. عندما قرأت خبر العلماء وفكرة تطبيقهم تذكرت أحد سكان الحي الذي عشت فيه الطفولة، كان من بلاد الشام، كان لديه حديقة صغيرة أنيقة، فقررنا أنا وأولاده أن نغير تصميمها، عندما عاد إلى بيته ورأى الخراب الذي حلّ بحديقته قال لنا متألمًا: الله لا يعطيكم العافية فوق تعبكم! بعض الأفكار أو التصرفات السيئة تستحق أن يقال لأصحابها الله لا يعطيكم العافية فوق تعبكم، ومحاولة التخفيف من وصف السيئ بالسيئ مُضرّة وغير نافعة.
في أحد الأيام التقيت بأحد أقاربي الذين لم ألتقِ بهم سوى ثلاث أو أربع مرات قبل 30 عامًا، في لقاءنا الأخير قبل سنوات كنا نلتقي وكأننا نتعرف على بعض من جديد، جلسنا وكان معنا أشخاص آخرين، وبعد حوالي ساعتين استأذنت بالرحيل وأبلغتهم بموعد سفري صباح الغد. تفاجأ قريبي وقال: ستغادر غدًا صباحًا.. أنا لم أرك إلا قبل ساعتين.. حتى لم أستمع لك تتحدث إلا بعض الكلمات.. ولم أفهم منك شيئًا..! اليوم كلما انتهيت من مشاهدة فيديوهات اليوتيوب القصيرة «short» أتذكر كلمات قريبي، لأني أخرج من المشاهدة وأنا لم أفهم شيئًا. تشاهد لقطة مدتها عدة ثوان لفيل يدمر سيارة، ثم تشاهد عدة ثوان من مشهد لفيلم، ثم ثوان أخرى لشخص يسافر بين الدول، وهكذا تتنقل بين الفيديوهات القصيرة لا تشاهد شيئًا مكتملًا. مشكلة الفيديوهات القصيرة أنها قصيرة للدرجة التي لا تغذي العقل، وكثيرة لدرجة أنها تدخل الرأس في حالة دوار.