فن الأسماء
اختيار الأسماء والعناوين موهبة لها أهلها وناسها، لكنها قد تتضاءل إن لم يطورها صاحبها، مثل الكتابة تضعف إن لم يتابعها الكاتب بالقراءة. في الصحف والوسائل الإعلامية هناك متميزون في اختيار العناوين، قد لا يكونون الأفضل في كتابة المواضيع لكنهم الأفضل في اختيار عناوينها. تجاريًا يعتبر الاسم أمرًا مهمًا، وقد يكون من أسباب النجاح أو الفشل. اسم كاميرا «كوداك» لا معنى له، لكن جورج إيستمان صاحب كوداك ابتكر الاسم لأنه لا يُنسى حسب رأيه، و كان رأيًا صائبًا. مطعم ماكدونالد للوجبات السريعة كان لأخوين أمريكيين قبل أن يدخل في حياتهما بائع متجول ويستولي على العلامة لنفسه. البائع المتجول قال في أكثر من مناسبة إن ما لفت انتباهه للمطعم في البداية هو الاسم، كان اسمًا جاذبًا يحفظه القارئ من المرة الأولى. الأسماء للبرامج التلفزيونية والإذاعية تلعب دورًا مهمًا كما في العلامات التجارية، أحيانًا أجد برامج رائعة لكن أسماءها غير مناسبة، وأحيانًا أشاهد برامج أسماؤها أفضل منها. لكن الثابت عندي أن البرنامج الممتاز هو من يصنع الاسم ويجعل منه مناسبًا حتى وإن لم يكن اسم البرنامج الخيار الأفضل. كنت جيدًا في اختيار الأسماء لبرامج الزملاء، لكني اكتشفت أن موهبتي قد بدأت منذ الطفولة، كنت من أبرز الذين يطلقون «العيارات» على أبناء حارتهم، لكن هذه الموهبة لم تنجيني من الحصول على «عيارة»! في منطقتنا العربية كان لأسماء الشركات التي دخلت المنطقة أولًا حظًا كبيرًا، نطلق على معظم المناديل الورقية اسم «كلينكس» مع أننا نستخدم مناديل لعشرات الشركات المختلفة. الكثير من سيدات البيوت يسمين المكانس الكهربائية «هوفر» لأن هوفر من أوائل شركات المكانس الكهربائية التي دخلت منطقتنا العربية. شركة السيارات «jeep» كان لديها موديلًا لسيارة أكبر حجمًا من سيارات الصالون، نجاح تلك السيارة جعل الناس يسمون كل سيارة كبيرة سيارة jeep. النساء في السابق يستخدمن «الديرم» لتلوين شفاههن، عرفت متأخرًا أن «ديرم» ليس اسم المنتج، بل اسم شركة فرنسية قديمة مختصة في العطور ومساحيق التجميل. بعض المنتجات يختار أسماءها الناس، حتى وإن كانت لها أسماء أصلية، وبعض المنتجات لشدة نجاحها تصبح اسمًا شاملًا لكل المنتجات الشبيهة.