العالم الذي نعيش
ـ الغرائب والعجائب التي نسمعها ونقرأها هنا وهناك مفيدة، لكي لا يصبح العالم الذي نعيش مملًا، كما أنها تحفز الإنسان، خصوصًا تلك التي نقرأها عن الذين لم يوقفهم التقدم في العمر عن تحقيق أحلامهم. عندما بلغت الأربعين أصبت «بأزمة الأربعين» وهي حالة تُشعر الأربعيني أنه تقدم كثيرًا في العمر وراحت عليه! ثم وعندما بلغت الخمسين تذكرت الأربعين وقلت كم كنت شابًا وأنا في الأربعين! ربما وأنا في الستين سأنظر للخمسين بنفس ما نظرت للأربعين.
في هونج كونج قدم الماليزي تو هينج درسًا لأمثالي ولمن تجاوزوني عمرًا ممن يظنون أنهم صاروا «شيّابًا». تو هينج كان مديرًا تنفيذيًا ناجحًا، وعندما تقاعد رفض فكرة الجلوس لتناول وجبات الغداء الطويلة، ولعب الجولف لساعات، والمفاجأة أنه قرر دراسة الطب، القرار الذي وصفه أصدقاؤه بالمجنون، التحق بالجامعة وظن الطلبة أنه أحد الأساتذة، وانغمس 5 سنوات في الدراسة وعلم التشريح، لقد عاد طالبًا من جديد، وبعد 5 سنوات تخرج طبيبًا وهو في السبعين! تو هينج كان ذكيًا عندما شغل نفسه بالدراسة بدلًا من البقاء في البيت ومراقبة الأبناء والأحفاد، ومن طفى اللمبة ومن أشعلها!
ـ إيلون ماسك المجنون يقول إنه سيبني مدينة في المريخ، مدينة متكاملة ومكتفية ذاتيًا. شركة «ستار شيب» المملوكة لماسك ستطلق في غضون عامين أول رحلة غير مأهولة إلى المريخ، أما الرحلات التي ستحمل البشر فستبدأ بعد 4 أعوام إذا سارت الأمور على ما يرام. المدينة التي قال إنه سيبنيها على أرض المريخ ستستغرق 20 عامًا من الآن!
أشعر أن هذا الرجل الذكي والجريء أصابته حالة تضخم، وهي حالة تصيب بعض الناجحين بسرعة الصاروخ، أولئك الذين جاءوا من الظل إلى الأنوار الساطعة جدًا، ولست هنا ألومه على تطلعاته غير المنطقية، على الأقل هو أغنى رجل في العالم، أعرف أشخاصًا وبمجرد تحقيقهم بعض الملايين أصيبوا بالتضخم، تغيرت طريقة كلامهم، ومواعيد نومهم، وطريقة مشيهم، وتخلوا عن أصدقائهم، وأقاربهم. لا أعتقد أن مدينة ماسك ستصبح حقيقة، ستبقى مدينة في خياله، يحلم بها كلما ضايقته مدينة الأرض، وكلما واجه مشكلة لا تحلها ملياراته.