الشهرة.. تلعب!
تحظى الأسماء الشهيرة بتأثيرٍ ساحرٍ في كثيرٍ من الناس، وقد أظهرت السوشال ميديا هذا التأثير بوضوحٍ تامٍّ، إذ صارت الناس تتبع أذواق المشاهير أكثر مما تتبع أذواقها، فتجد مَن يشتري سيارةً، لأن المشهور الفلاني مدحها، وقال فيها ما قال! وترى مَن يشتري عطرًا، لأن مشهورًا قال عنه "ياخذ العقل"، ورائحته تصلح للشتاء والصيف!
في أحد الأيام، التقيت صديقًا ذكيًّا حاصلًا على شهادةٍ عليا، ويعمل في وظيفةٍ ممتازةٍ. وجدته وقد اشترى منتجًا، لكنه لم يستعمله، وعندما سألته عن السبب، قال: "منتج تعبان بس فلان المشهور لخمنا فيه، وقال عنه كلام زين، وصدقته"!
الناس تقبل من المشهور ما لا تقبله من الإنسان العادي، وإن كان هذا المشهور على خطأ، والإنسان العادي على صوابٍ. قبل أيامٍ، قرأت حكايةً من التراث، وأظنها حقيقيةً. في الحكاية المنشورة على حسابٍ في السوشال ميديا، يتبيَّن تأثير المشاهير في الناس، وكيف أن بعضهم يفقدون تفكيرهم السليم أمام رنين الأسماء الشهيرة، ويبخسون قيمة ما يقوله العامة، وإن كان صوابًا. "يحكى أن رجلًا، وجد أعرابيًّا عند بئر ماءٍ، فلاحظ الرجل أن حمل البعير كبيرٌ، فسأل الأعرابي عن محتواه. فقال الأعرابي: كيسٌ يحتوي على المؤونة، والكيس المقابل، يحتوي ترابًا، ليستقيم الوزن في الجهتين. فقال الرجل: لم لا تستغني عن كيس التراب، وتنصف كيس المؤونة في الجهتين، فتكون قد خفَّفت الحمل على البعير؟ فقال الأعرابي: صدقت. ففعل ما أشار إليه، ثم عاد يسأله: هل أنت شيخ قبيلةٍ، أو شيخ دينٍ، أو رجلٌ غني، أو فارسٌ معروف؟ فقال الرجل: لا هذا ولا ذاك، بل رجلٌ من عامة الناس. فقال الأعرابي للرجل: قبَّحك الله. لا هذا ولا ذاك ثم تشير علي، ثم أعاد حمولة البعير كما كانت".
تأثير الأسماء الشهيرة في الجمهور موجودٌ حتى في الأغنية، وأذكر حوارًا فنيًّا، دار بين زميلين مصريين، الأول من جمهور عمرو دياب، والثاني من جمهور الأغنية الجميلة، ولا يهمه الفنان الذي يغنيها. قال الثاني للأول: "صوت عمرو دياب عادي. هناك عشرات الفنانين المصريين ممن يمتلكون أصواتًا أفضل، لكن عمرو عرف كيف يصنع نجوميته بطريقةٍ أفضل منهم. أجابه الأول: لا يمكن أن يكون هناك صوتٌ أجمل من صوته، لأنه الأكثر شهرةً. يعني عاوزني أكدّب شهرته وأصدقك أنت؟".