2024-09-23 | 17:50 قصص رياضية

سولوكو.. امرأة حديدية ارتكبت أعظم خطأ في حياتها

الرياض ـ إبراهيم الأنصاري
مشاركة الخبر      

لا صوت يعلوا في قلعة «الجيلاروسي»، نادي روما الإيطالي، على صوت اليونانية لينا سولوكو، المديرة التنفيذية في النادي، التي تصفها الصحافة الإيطالية بالمرأة الحديدية، لكنها ارتبكت الخطأ الأكبر في مسيرتها عندما اصطدمت مع المعشوق الثاني لجماهير الذئاب بعد أسطورتهم الأولى فرانشيسكو توتي، وكان دانيلي دي روسي، الذي تمت إقالته خلال الأيام الماضية من تدريب الفريق، ما دعا الجماهير إلى توجيه التهم إلى المديرة الحديدية، التي تقدمت باستقالتها لاحقًا بعد أن واجهت تهديدات بالقتل لها وابنها.
في عام 1983 أبصرت الفتاة اليونانية النور في مدينة لاريسا، التي تقع في شمال البلاد، وتعد مركزًا زراعيًا مهمًا، وعقدة مواصلات حيوية بين شمال وجنوب اليونان، ويبلغ عدد سكانها نحو 130.000 نسمة وهي سابع مدينة يونانية من حيث عدد السكان، بينما يبلغ العدد مع الضواحي نحو 207.000 نسمة.
في منزل يعيش أجواء الرياضة، بسبب والد الفتاة اليونانية، الذي كان حارس مرمى كرة قدم في أحد الفرق الصغيرة، ومن ثم تحول إلى عالم التدريب، نشأة الفتاة، التي قررت أن تصبح لاعبة كرة طائرة على عكس والدها، وجمعت بين ممارسة الرياضة ودراسة القانون في جامعة أثينا.
تقول لينا عن نشأتها: «كان والدي سوتيريس، الرئيس الحالي لجمعية العمال المتقاعدين في بلدية لاريسا، حارس مرمى، بينما كنت ألعب الكرة الطائرة دائمًا لسوء الحظ، عندما كنت طفلة، لم تكن كرة القدم النسائية مشهورة كما هي الآن، لكنني كنت دائمًا من محبي كرة القدم ومشجعة لأولمبياكوس».
في عام 2004، وخلال استضافة بلادها دورة الألعاب الأولمبية، عملت لينا في قسم مراقبة المنشطات بالدورة، قبل أن تقرر في العام التالي الابتعاد عن الرياضة التفرغ لدراسة القانون في إسبانيا، وحصلت على درجة الماجستير في قانون الرياضة وإدارتها من جامعة البوليتكنيك في مدريد.
بعد عودتها إلى بلادها، تم تعيينها عضوًا في محكمة التحكيم التابعة للاتحاد اليوناني لكرة القدم لمدة خمسة أعوام. علاوة على ذلك، على مدار الـ 12 عامًا الماضية، تعاونت مع العديد من فرق كرة القدم والمؤسسات واللاعبين والمدربين، حيث مارست مهنة المحاماة «في قانون الرياضة»، قبل أن تعمل مستشارة عامة مستقلة، وتؤسس مكتب محاماة متخصص مع شقيقتها أسبا.
لم تغفل أعين فانجيليس ماريناكيس، الملياردير ورجل الأعمال اليوناني الشهير، ومالك نادي أولمبياكوس، عن صعود الفتاة الصاروخي وبراعتها في عملها، وقرر تعيينها رئيسة للشؤون القانونية في النادي عام 2016، وارتقت في التسلسل الهرمي للنادي حتى باتت الرئيس التنفيذي الفعلي بعد عامين، وعمرها 34 عامًا فقط.
في عام 2019 شغلت منصب عضو المجلس التنفيذي لرابطة الأندية الأوروبية، وهو المنصب الذي تشغله حتى اليوم.
شكل العمل في رابطة الأندية الأوروبية ساحة حاسمة بالنسبة لسولوكو، التي انضمت إلى مجلس الإدارة مراقبة، وتعلمت بشكل مباشر من أصحاب النفوذ في كرة القدم الأوروبية، وهناك التقت دانييل فريدكين، الملياردير الأمريكي المقيم في هيوستن، مالك نادي روما.
قدم الملياردير الأمريكي عرضًا لا يمكن رفضه للفتاة اليونانية من أجل تولي منصب المدير التنفيذي للنادي العاصمي الكبير، بفضله باتت ثاني أغلى راتب بين المديرين التنفيذيين بالدوري الإيطالي، خلف كلاوديو لوتيتو، رئيس نادي لاتسيو، الذي يتقاضى 1.1 مليون يورو، بينما تتقاضى اليونانية راتبًا قدره 850 ألف يورو سنويًا شاملة بدل سكن «بحدود 125.000 يورو»، وستة تذاكر طائرة عائلية ذهابًا وإيابًا كل عام على طريق روماـ أثينا.
تقول لينا عن عرض روما: «أولمبياكوس هو أفضل نادٍ في اليونان بلا منازع، إنه لشرف عظيم أن أكون يونانية وعملت هناك، لكن مشاهدة الإنجازات التي تحققت في رابطة الأندية الأوروبية، والتحديات التي تواجه كرة القدم الأوروبية، جعلتني أرغب في خوض مغامرة جديدة خارج اليونان».
خلال منصبها الجديد في روما استهدفت سولوكو تحقيق الاستدامة المالية، وكرة القدم النخبوية محليًا وأوروبا. وتضيف: «ترى عائلة فريدكين نفسها وصية على مؤسسة يحبها المشجعون، وتريد أن تجعلها مستدامة وأقوى. إنها أكثر من مجرد عمل تجاري».
ومع ذلك، فإن عائلة فريدكينز لديها خطط لبناء ملعب جديد، وتقول سولوكو إن روما «تعمل بشكل وثيق مع البلدية» وأصحاب المصلحة الآخرين. يعد الملعب الحديث مفتاحًا للاستدامة المالية، لكنها تؤكد على تأثير ذلك على الأولوية القصوى للنادي، والمشجعين، وكذلك المدينة: «من المهم حقًا أن يكون لدينا ملعب يكون بمثابة منزلهم، إن مدى أهمية روما في حياتهم اليومية هو شيء لا تشعر به إلا عندما تعيش في هذه المدينة العظيمة».
كان البرتغالي جوزيه مورينيو أول ضحايا المرأة الحديدية بعد أن تمت إقالته من تدريب روما، منتصف الموسم الماضي، وهو الذي قاد روما خلال عامين ونصف العام، تمكن خلالهما من الفوز بلقب دوري المؤتمر الأوروبي، كما وصل لنهائي الدوري الأوروبي، لكنه خسره أمام إشبيلية، إذ لعب 138 مباراة، حقق خلالها 68 انتصارًا، و30 تعادلًا، و40 خسارة.
وترك مورينيو وراءه رسالة وداع مريرة للغاية للاعبيه في روما بعد «الشعور بالخيانة»، بسبب طريقة إقالته من تدريب الفريق الإيطالي، حيث كشفت صحيفة «المسيجايرو» الإيطالية عن أن موينيو بعث برسالة حزينة للاعبي روما، قال فيها: «عندما تكونون رجالًا أعيدوها لي»، في تلميح واضح من البرتغالي لشعوره بالخيانة من إدارة النادي.
مرت إقالة مورينيو، التي لم تتقبلها جماهير الذئاب، لكنها بلعتها على مضض، بسبب قرار الإدارة بتعيين دانيلي دي روسي، محبوب الجماهير وقائد النادي السابق، مدربًا، خلفًا للبرتغالي، الأمر الذي أسعد العشاق، وجعلهم يغضون الطرف عن إقالة «سبيشال وان».
قدم دي روسي نتائج جيدة مع الفريق الموسم الماضي، على الرغم من خروجه خالي الوفاض دون تحقيق أي لقب، لكن مع مطلع الموسم الجاري لم تسر الأمور مع المدرب الشاب جيدًا، ولم يعرف الفوز في أول 4 جولات بالدوري، الأمر الذي أجبر الإدارة على إقالته.
لم تعِ المديرة اليونانية أهمية الرموز في نادي روما، خاصة الثنائي الكبير فرانشيسكو توتي، ودانيلي دي روسي، اللذين يعدان الأعظم لدى جماهير الذئاب، التي جن جنونها بعد إعلان النادي إقالة محبوبهم ورمزهم بقرار تقف خلفه اليونانية، التي واجهت ردة فعل لم تقوى على تحملها، وصلت إلى تهديدها وابنها الصغير بالقتل، وتقدمت باستقالتها لاحقًا.
تصف لينا سولوكو العمل في مجال كرة القدم: «من الواضح أن هذه صناعة يهيمن عليها الرجال، ليس فقط كرة القدم، بل الرياضة بشكل عام. لكنني لم أفكر قط في ذلك بوصفه عائقًا أو شيئًا يمكن أن يشكل مشكلة».
بعد معاناتها في إيطاليا ربما تعيد اليونانية النظر في قرارها والعودة إلى بلادها وناديها السابق أولمبياكوس، الذي تعمل فيه تحت حماية فانجيليس ماريناكيس الرجل الذي لا يجرؤ أحد على تهديده في بلاد الإغريق، بسبب نفوذه الكبير، ومعرفة الجميع بأنه رجل لا يمكن التنبؤ بما يفعل في حال تم تهديد أحد العاملين لديه.