2024-11-29 | 15:28 قصص رياضية

من راش إلى صلاح.. النهايات السعيدة في الأفلام

القاهرة ـ أحمد مختار
مشاركة الخبر      

«نحن على مشارف شهر ديسمبر، وحتى الآن لا يوجد عرض تجديد من النادي، وهذا شيء محبط، أحب اللعب في نادٍ مثل ليفربول، ولكن بقائي ليس في يدي»، تحدث المصري محمد صلاح بهذه الكلمات الحزينة عبر وسائل الإعلام الإنجليزية، مؤكدًا أنه مُحبط بشدة من تعامل إدارة ليفربول معه، بعد هذا المشوار الطويل والكبير داخل جدران النادي.
صلاح أو «مو» كما يحلو لأنصار ليفربول تسميته، كان بمثابة رأس الحربة لمشروع إعادة ليفربول إلى منصات التتويج، بعد أعوام طويلة من الحرمان والخذلان والسقطات المتكررة، لقد حقق الملك المصري مع «الريدز» عددًا كبيرًا من البطولات والألقاب، ويكفيه أنه كان أحد أهم لاعبي الجيل الذي أعاد الدوري الإنجليزي إلى ملعب «أنفيلد رود» بعد قرابة 30 عامًا من الغياب.
ولم يكتفِ صلاح بذلك، بل كان النجم الأول في تشكيلة المدرب يورجن كلوب، التي توِّجت بلقب دوري أبطال أوروبا عام 2019، كما حقق اللاعب العربي بطولات أخرى مثل كأس إنجلترا، كأس الرابطة، كأس السوبر الأوروبي، وكأس العالم للأندية، لدرجة أن جماهير الليفر وضعته على عرش أفضل محترفي النادي تاريخيًّا، بسبب ألقابه وأرقامه وجوائزه الفردية والجماعية.
لنا أن نتخيل أن «مو» سجَّل 223 هدفًا بقميص ليفربول في 367 مباراة بجميع المسابقات، وحطَّم مزيدًا من الأرقام القياسية، وتوِّج بجائزة هداف البريميرليج أكثر من مرة، ووصفه المتابعون بأنه ربما المحترف الإفريقي الأهم والأنجح في تاريخ الدوري الإنجليزي الممتاز، إلا أن كل هذه الأرقام لم تشفع له مع اقتراب نهاية عقده الجاري مع ناديه، إذ أصبح النجم الكبير قريبًا من الخروج المجاني، بلا عرض تجديد حقيقي على الطاولة حتى الآن.
انتظر صلاح طويلًا، كان يعتقد بأن النادي سيجلس معه من أجل التجديد بعد رحيل كلوب، لكن هذا لم يحدث. لقد بدأ مديرو الليفر فعليًّا في المفاوضات مع الهولندي فان دايك والإنجليزي أرنولد، الثنائي الذي ينتهي عقداهما أيضًا بنهاية الموسم، لكنهم أبدوا تجاهلًا واضحًا تجاه المصري، على الأقل حتى هذه اللحظة، ما جعله يخرج عن صمته ويتحدث علانية عبر وسائل الإعلام، ليؤكد أن الأمر أصبح غير معتاد بالمرة، وكأن ما يحدث الآن جديد على ليفربول أو مختلف الأندية الأوروبية الكبيرة.
يمكن القول بأن القارئ الجيد للتاريخ يجيد معرفة المستقبل، وإذا عدنا أعوامًا إلى الوراء، يجب أن نتحدث عن الويلزي أيان راش، أسطورة ليفربول في زمن سابق، والنجم الذي سجَّل أكثر من 200 هدف بقميص النادي، وفاز بـ 20 بطولة من بينها الدوري الإنجليزي 5 مرات، وبطولة أوروبا مرتين، وعدد كبير من الألقاب المحلية.
الويلزي راش ارتدى قميص ليفربول منذ عام 1980 حتى 1996، باستثناء فترة بسيطة قضاها في إيطاليا مع نادي يوفنتوس بين عامي 86 و87، إلا أنه لم يتحمل فراق بريطانيا ليعود سريعًا إلى الريدز، ويواصل تسجيل الأهداف وحصد الألقاب، قبل أن تتراجع أرقامه ويتحول من دور النجم الكبير إلى مجرد لاعب عادي في صفوف الفريق، حتى صدمته إدارة النادي أيضًا بقرار عدم تجديد عقده.
وجاء عام 1995 محملًا بالمفاجآت غير السارة لأيان راش، حين دفع ليفربول مبلغًا قياسيًّا محليًّا قدره 8.4 مليون جنيه إسترليني لمهاجم نوتنجهام فورست ستان كوليمور، ما جعل مستقبل راش في أنفيلد موضع شك. بدأ الموسم مهاجمًا أساسيًّا إلى جانب كوليمور، قبل أن يصبح بديلًا للثنائي كوليمور وروبي فاولر.
ومع قدوم عام 1996، أُعلن رسميًّا من جانب نادي ليفربول أن راش سيغادر أنفيلد في صفقة انتقال مجانية عندما ينتهي عقده في 1 يونيو، إذ فضَّل الطرفان عدم تجديد العقد بصفة قانونية، مع ترك الباب مفتوحًا أمام النجم الكبير من أجل الرحيل واختيار ناديه الجديد، حين قرَّر حينها الذهاب إلى فريق ليدز يونايتد.
ولم تكن هذه اللحظة هي الأكثر تعاسة في مسيرة أيان راش مع ليفربول، إذ لعب المهاجم بديلًا في مباراة نهائي الكأس أمام مانشستر يونايتد، ليشاهد بنفسه خسارة فريقه أمام الغريم والمنافس التاريخي بهدف دون رد، سجَّله الفرنسي إيريك كانتونا.
وإذا كان صلاح حتى هذه اللحظة يبدو منتظرًا عرض ليفربول، فإن عليه النظر أيضًا إلى مصير سلفه أيان راش وآخرين، إذ إن اللاعب الكبير يجب عليه أن يصل إلى أي فريق وهو في القمة، ويرحل أيضًا وهو في القمة، لذلك يبدو الرحيل أحيانًا هو الحل الأنسب والأكثر واقعية.
«كينج مو» سينتظر العروض الجديدة التي ستصله حتمًا، سواء من إنجلترا أو إسبانيا أو فرنسا أو دوري روشن السعودي، لأن كرة القدم تختلف عن والأفلام، وليس بالضرورة أن تكون النهاية السعيدة متوقعة وطبيعية في المكان ذاته، لذلك لا بد من البحث عن فصل جديد لإكمال الرواية، خاصة أن اللاعب لا يزال يملك الجهد والقدرة على الاستمرار والتنافسية لعدة أعوام مقبلة.