شيرين حمدان: ملاعب ملف «السعودية 2034» تحف فريدة.. وتقنياتها تتحدى الزمن
تحشد البريطانية شيرين حمدان، المدير الدولي لشركة «بوبيولوس» الأمريكية المتخصِّصة في الهندسة المعمارية، خبراتها التراكمية لإحاطة منشآت ملف كأس العالم «السعودية 2034» بالنظرة الإشرافية المطلوبة لإنجازها على نحو يليق بالحدث ومستضيفه.
وتُشرف حمدان على مشاريع إنشاء ملاعب الملك سلمان، والأمير محمد بن سلمان، وأرامكو، إضافة إلى إعادة تأهيل وتجديد «الدرة»، تأهبًا لاستضافة مباريات التظاهرة العالمية التي تنتظر السعودية إعلان فوز ملّفها بتنظيمها، الأربعاء المقبل.
وخلال مشوارها مع الشركة، كانت الملاعب الرياضية واحدة من أهم مجالات عمل المسؤولة البريطانية، وبعضها في منطقة الشرق الأوسط، مثل ملعب لوسيل الدولي، في الدوحة، العاصمة القطرية، مسرح مباراتي افتتاح ونهائي كأس العالم 2022.
وداخل بلادها، قادت المدير الدولي لبوبيولوس طاقم عمل تحديث نادي عموم إنجلترا للتنس والكروكيه في ويمبلدون، الذي يستضيف بطولة «ويمبلدون المفتوحة» لكرة المضرب سنويًّا.
وبعد فراغها من حضور المؤتمر الدولي لقمة كرة القدم «WFS»، الذي استضافه مركز الملك عبد الله المالي، في الرياض، العاصمة السعودية، التقت «الرياضية» شيرين حمدان، وتمحور الحديث معها حول ملاعب الملف المونديالي.
01
ما أبرز ملامح ملعب الأمير محمد بن سلمان؟
بصدق، تصميم المنشأة مذهل معماريًّا، فهو ملعب مغلق من 3 جهات فقط، ويترك إطلالة مفتوحة على قمة الجبل في القدية.
02
حدثينا عن التقنيات داخل الملعب؟
توظيف التقنيات التفاعلية سيساعد في تغيير هيئة المنشأة طبقًا للفعالية التي تحتضنها، فمثلًا إذا كانت مباراة لكرة القدم بين فريقي الهلال والنصر، فالملعب كله سيصطبغ بهوية وألوان الطرفين. أيضًا يمتلك الملعب القدرة على تحريك أرضيته العشبية، وطيّ سقفه، ويوفر خدمات ضيافة على أعلى مستوى، وفي كل مرة سيذهب الزائر إليه سيحظى بتجربة مختلفة عن سابقتها.
03
وماذا عن هيئته في غير مباريات كرة القدم؟
في كل الأوقات سيكون موقعًا جذابًا وسيحب الزوار الذهاب إليه، والاستمتاع بتجربة الحضور داخله، فهو مصمم لاستضافة أحداث كثيرة، وليس ملعبًا حصريًّا لكرة القدم، بل أيضًا للحفلات الموسيقية، والرياضات الإلكترونية، وسباقات الدرون، وكل ما يمكنك تخيله.
04
هل الملعب بالفعل كما يتردَّد عنه «لا مثيل له من النواحي التقنية»؟
بالطبع، إنه خلاب. فبالتنسيق مع شركة القدية عملنا على تصميمه بما يتماشى مع مطالبتها بإنشاء ملعب يعكس روح المكان، وروح الترفيه والمتعة. هم ـ مسؤولو القدية ـ أرادوا بناء منشأة ممتعة، جذابة، ومتداخلة مع المكان، وتجعلك في كل مرة تندهش قائلًا: ما الذي أنظر إليه؟ فالملعب صُمِّم ليكون على أعلى قمة في القدية، ويمتد نزولًا، بحيث تشاهد حدوده الأعلى من الأسفل، وهذا سيجعل المشاهد متداخلًا معه في كل لحظة ينظر فيها إليه.
وهنا أودّ ذكر ملعب «Sofi» في أمريكا الذي يحظى بتقنيات هائلة، لكنها محصورة داخله فقط، بينما ملعب الأمير محمد بن سلمان سيحوِّل الجبل بأكمله إلى جبل تقني، يجعلك تشاهد تقنياته ليس في الداخل فقط، بل خارجه أيضًا. وسيكون الأفضل تقنيًا في العالم بأسره، وبفارق كبير عمّا يليه.
05
وماذا عن ملعب مدينة الملك فهد الرياضية، ما طبيعة العمل فيه حاليًّا؟
يجري حاليًا تجديده بالكامل، حتى يصبح متطابقًا مع أعلى المعايير الدولية، ويتم ذلك بحرص شديد، كونه ملعبًا ذا تصميم جميل للغاية، وأيقوني أيضًا، فهو من أكثر الملاعب التي يمكنني القول عنها إنها مرجعية للمنطقة كاملةً، وعملنا فيه يُنفَّذ بتقدير شديد للتقاليد والأصالة التي صُمِّم عليها، مع السعي للارتقاء بها إلى المعايير الدولية، ومراعاة المحيط الذي ينتمي إليه، ونهدف لتحويله إلى منطقة رياضية كاملة تفتح أبوابها للعائلات يوميًّا وأسبوعيًّا، إلى جانب احتضان المناسبات الرياضية، وسيُزوَّد بمسارات لقيادة الدراجات، ومرافق للراغبين في ممارسة لعبة كرة القدم، باختصار سيصبح قلبًا نابضًا للرياضة في الرياض.
06
هل سيكون هناك مناطق تجمع جماهيرية «فان زون» في موقع الملعب؟
بالتأكيد، حينما يكون هناك حدثٌ ما، ستسمح قدرات الملعب بإنشاء مواقع تجمع جماهيري بداخله، ودون ذلك سيكون مكانًا يستطيع العامة المجيء إليه وممارسة الرياضة فيه، فلن يكون معزولًا عن محيطه في غير أوقات المناسبات الرياضية، وسيكون متداخلًا بشكل كبير في الفعاليات اليومية للرياض.
07
بخصوص حالة هذا الملعب، ما الفرق في التحديات بين إعادة تجديده وبناء آخر من الصفر بالنسبة للشركة الهندسية؟
التحدي هو أنه ملعب شُيِّد منذ نحو 40 عامًا، ويجب استيعاب ما بني سلفًا، كذلك المخطط الخاص به كان مرسومًا باليد، واليوم الجميع يستخدم التقنية في تصميم المخططات، لذا كان علينا استيعاب ذلك، وكما قلت، المحافظة على ما هو موجود في قلب المنشأة.
08
وماذا عن ملعب أرامكو؟
أيضًا صُمِّم كي يكون موقعًا جذابًا، وسيكون الأكبر من نوعه على مستوى المنطقة الشرقية، وهو متداخل في خطة تتماشى مع «رؤية 2030»، وأهداف وزارة الرياضة، فالجميع يرغب بأن يكون هناك تداخل مجتمعي مع ملاعب الملف، والمقصود من هذا المصطلح ليس فقط ترحيب المنشأة بالجميع، بل حدوث تداخل فعال، مثل توفيرها منافذ غذائية، ومناطق ترفيهية، إضافة إلى مرونتها واستخدامها في فعاليات متعددة، وملعب أرامكو لن يكون مختلفًا عن هذه الفكرة.
09
ماذا تطبّقون حتى تحافظ هذه الملاعب مستقبلًا على استيفاء المعايير الدولية المحدَّثة باستمرار؟
مخططات الملاعب مصممة حتى تظل صالحة لمدى أبعد من كأس العالم 2034، ففيها الحرص الكامل من ناحية هندسية على التأقلم مع أي تغير تقني يطرأ، بحيث يمكنها التوافق مع التحديثات، دون الحاجة إلى إجراء تجديد كامل للملعب. والمنشآت مصممة لتتماشى مع المتغيرات المستقبلية من كافة النواحي، وليست تقنيًا فقط.
10
أخيرًا.. ماذا يمكنك إخبارنا عن ملعب الملك سلمان؟
في رأيي، هو تحفة بحد ذاتها، وينقل فكرة الملاعب داخل الحدائق الكبرى إلى مستوى مختلف تمامًا، فعلى سبيل المثال، الملعب الأولمبي في لندن هو ملعب داخل حديقة، لكنه يبدو ملعبًا طبيعيًّا، وهذا ما نطبّقه هنا آخذين في الاعتبار محيط المنشأة ذاتها، لنجعلها تتماشى مع روح المكان، فهي ستبدو حديقة داخل الحديقة. والملعب سيعكس روح مدينة الرياض، من خلال رؤية التناغم اللامتناهي بين منشآتها، وهذا ما سيعزّر نجاحه وسيجعله أيقونيًّا للغاية، فهو ليس مجرد ملعب، وإنما يجسد النسيج الحضاري للرياض، وحداثتها، في آن واحد، وأعتقد بأنه سيكون ظاهرةً جديدة في عالم ملاعب كرة القدم.
11
كلمة أخيرة.. ماذا تودّين إضافته في النهاية؟
الجميع متحمس للإعلان عن استضافة السعودية كأس العالم الأربعاء المقبل، ويجب عليهم أن يكونوا فخورين بما يحدث داخل هذا البلد.