شجيرات الحديقة!
في إحدى المرات واجهني أحدهم بالجملة التالية: ما عندك إلا الحكي! والسبب أنه طلب مني طلبًا عجزت رغم محاولاتي عن تنفيذه، ولأنه خاض معي حوارات ومواعيد، ثم لم أحقق له ما أراد، رأى أني لا أملك إلا «الحكي». كان دقيقًا في وصفه، ومحقًا في حكمه، ولو دققنا في أكثر ما يملكه الإنسان لوجدنا أن كل واحد لديه شيء هو أكثر ما عنده. أنا ممن يتكلمون كثيرًا وينفذون قليلًا، لا أعرف السبب الذي جعل كلامي يتفوق على تنفيذي، ومع ذلك لم ألقي باللوم على الظروف، بل على نفسي، وهذا الاعتراف أراحني من شقاء التبرير ولوم الآخرين.
عندما قال: ما عندك إلا الحكي أجبته بأنه ظَلَم قدراتي، وعندما سأل مستهزأً وما بقية قدراتك غير الحكي؟ أجبته: خذ عندك الأوهام على سبيل المثال، واحدة من أهم قدراتي، لا أنتهي من وهم حتى أدخل في آخر، سلسلة طويلة لا تقطعها إلا فترات النوم. خذ عندك الهذيان مما تتميز فيه قدراتي، لقد كنت أرسم على الورق شكل المزرعة الكبيرة التي أرغب بزراعتها بينما ماتت الشجيرات في حديقة منزلي لأني لم أسقيها، ألا يسمى سعيي للحصول على مزرعة هذيانًا؟ لذا.. لا تقل لا يوجد عندي إلا «الحكي» فهناك ما هو أكثر.
موهبة أخرى لا أريد تقزيمها وهي أحلام اليقظة، هذه لها مكانتها عندي لأنها تستهلك الكثير من طاقتي، وهي من الأسباب التي تجعلني أنام سريعًا دون أرق أو تقلبات على المخدة، ومع أني عاتبت أحلام اليقظة كونها جعلتني أشير بيدي أثناء الحلم اليقظ وهذا جعلني أبدو مجنونًا، لكنها وجدت لي الحل عندما قالت: ضع سماعات الهاتف في أذنيك وسيعتقد الناس أنك في مكالمة هاتفية. كان حلًا مريحًا جعلني أحلم وأنا يقظ وبثقة تامة. عندما استمع الشخص لما قلته تمعن في ملامحي.. والواضح أنه كان يجهل كامل قدراتي عندما قال ما عندك إلا الحكي، قاطعت صمته بالقول: لا أحب بخس قدرات الناس، لذا لا أحب أن يبخس الناس قدراتي.