لنبقى نشارك في كأس الخليج
جزء من التصحيح هو ألا نكابر على أخطائنا السابقة، والتي كانت نتاج غياب استراتيجية حقيقية لكرة القدم.
من أبرز تلك الأخطاء كان تحديد مشاركة المنتخب في كأس الخليج في سنوات ماضية بناءً على أهواء المدرب، أو شجاعة اتحاد القدم الذي يخشى التصادم مع الأندية عند إيقاف الدوري.
ربما في السنوات الخمس عشرة الأخيرة، لا أذكر أننا شاركنا في كأس الخليج بكامل ثقلنا، ربما أستثني نسختي 2014 في الرياض، و2019 في الدوحة، وكلتاهما وصلنا للنهائي، أما بقية المشاركات فكانت بمنتخب رديف أو الصف الثاني، بل في إحدى النسخ «خليجي 17 في الكويت» شاركنا بمنتخب ضم لاعبين غير مؤهلين فنيًا وبعضهم جاء من أندية الحواري.
تقاس حيوية منتخبنا دائمًا بمدى انسجامه واستقراره الفني، يقدم أفضل مستوياته عندما يكون ضمن مجموعة متجانسة ومستقرة، وهو ما لا يتحقق إلا في نهائيات آسيا أو التصفيات النهائية لكأس العالم، أما بقية العام .. فغالبًا ما يُهدر وقت المنتخب في مواجهات التصفيات الأولية مع منتخبات آسيوية ضعيفة، أو تجمعات ودية بلا لون ولا طعم. ثم حينما يحين موعد الجد، ومع زيادة الضغط الفني والنفسي، نجد أنفسنا وسط تجارب مدربين جدد، كما حدث مع الأرجنتيني باوزا قبل مونديال 2018، أو الإيطالي مانشيني الذي جرب تغيير خطط اللعب بثلاثة مدافعين في مباريات رسمية وحساسة، ما كلفنا الكثير وصعب من تأهلنا للمونديال.
لن نجد بطولة مثالية للضغط الفني والنفسي وحتى الإعلامي مثل بطولة كأس الخليج، حيث تتقارب فيها المستويات الفنية بين المنتخبات بشكل كبير، وتخضع لأجواء كروية عالية التوتر. هذا ما يحتاجه لاعبونا، خاصة مع منتخب يعاني من فجوات كبرى في المراكز، قد أكون في سنوات سابقة من المطالبين بعدم المشاركة، لكن رؤيتي تغيرت خاصة لوضعنا الحالي والذي يشهد غياب مشاركة السعودي محليًا.
ولو عدت عزيزي القارئ إلى تاريخ منتخبنا، ستجد أن جزءًا كبيرًا من ذكرياتك ومعرفتك بالنجوم جاء من كأس الخليج. صحيح أننا كنا في السابق نضخم هذه البطولة وكأنها كأس عالم، ولك أن تتخيل أننا كنا نقيل مدربين ونفسد برامج إعداد بسبب خروجنا منها. ولكن - ولله الحمد - تجاوزنا هذه المرحلة، وأصبحنا أكثر عقلانية، هذا ما يساعدنا اليوم على الاستفادة الفنية من المشاركة كل عامين. وإن تحققت النتيجة، فخير وبركة.
والآن، مع توالي إعلان مشاركات الأخضر «كأس خليج كل عامين، كأس آسيا 2027، بطولتي كأس كونكاكاف، وبإذن الله مونديال 2026»، يمكن القول بأن برنامج المنتخب في العامين المقبلين غني جدًا على كافة الأصعدة. لاعبونا سيلعبون معًا عشرات المباريات خلال فترة قصيرة، تغني عن كل معسكرات التجمع والمباريات الودية مع منتخبات مثل ترينيداد وبنما وهندوراس وجامايكا. وهذا يعد نقطة إيجابية تُحسب لاتحاد القدم، ولو أنها جاءت متأخرة عن موعدها المطلوب.
المهم الآن أن نستقر فنيًا وإداريًا، وجود مدرب مثل «رينارد» يمنحنا بعض الاطمئنان لمسيرة العامين المقبلين، ولكن العمل الأكبر يظل خارج نطاق المنتخب الأول، وتحديدًا في الفئات السنية التي تحتاج إلى مشاركات كبرى بمثل هذا الحجم لتعوض نقص المواهب، والتي يبدو أننا سنعاني كثيرًا في إيجاد حل لهذه المعضلة، على الأقل في المستقبل القريب.