2025-01-21 | 23:23 مقالات

درس النسيان

مشاركة الخبر      

تمنيت لو استطعت التحدث مع المهتمين بتطوير الذات، بالطبع سأشكرهم على جهودهم، وعلى كل تأثير إيجابي حققوه في حياة أحدهم، لكني سأطلب منهم إضافة موضوع أرى أنه الأهم، يضاف إلى المواضيع الشهيرة التي يناقشوها، على الأقل على سبيل التنويع، بدلًا من التركيز على تجاوز الصعوبات لتحقيق الثروة والتفوق على الآخرين.
لم أرَ تجاوز الصعوبات هي التحدي الكبير في الحياة، لأن الصعوبات من واقع الحياة، ولا شك أنها تحتاج إلى قوة لتجاوزها، لكن الأهم والتحدي الكبير هو عدم نسيان الدروس التي كسبناها من كل تجربة صعبة. نفقد عزيزًا وسرعان ما نشعر بندم التقصير تجاهه لأننا لم نعطه الاهتمام والوقت الكافيين، لكننا نكرر الأمر مع عزيز آخر ولا ننتبه إلاّ برحيله، نجد السعادة في دفء العائلة، لكننا سرعان ما نبتكر أشغالًا تبعدنا عنهم، وبعد معالجتنا للخطأ نعود مرة أخرى لابتكار مشاغل جديدة لسنا بحاجتها في حقيقة الأمر. لست أدري إن كانت مشاغلنا الكثيرة على حساب عائلتنا وأصدقائنا نوعًا من أنواع الأنانية أو الطمع أو حب الذات الشديد، لأني لم أجد تفسيرًا حقيقيًا لنسيان ما تعلمناه بأثمان مرتفعة، سوى ما ذكرت. كل من قرأت عن تجاربهم كانوا يقولون إن كسب حياة العائلة والأصدقاء لا يضاهيه مكسب آخر مهما كبر، وإن وقت العائلة والأصدقاء هو الوقت الأجمل والأكثر طمأنينة ورضا. عندما أفكر في النتيجة التي توّصل لها من كتبوا سيّر حياتهم، أجد أنهم على حق، حتى أنا لا أشعر بالسعادة كما أشعرها مع العائلة، ولا أشعر بضياع الوقت إلا وأنا مسافر أركض في سبيل خدعة ابتكرتها لنفسي، اسمها بذل الوقت والجهد الكبيرين على العمل أكثر من اللازم. لكنني كما ذكرت، عندما انتبه من غفلتي وأعود مستقرًا، أنسى! الواضح أنني ومن هم مثلي علينا تعلم استخدام النسيان والذاكرة بصورة صحيحة، أن نتذكر ما يجب ألّا ننساه، وننسى ما لا يجب تذّكره.