لماذا نجحوا؟
لماذا تحظى القنوات المختصة بعالم الحيوان بمشاهدات عالية؟ وطبعًا أقصد القنوات الأجنبية ، فلا توجد بالأساس من كل القنوات العربية قناة مختصة بهذا المجال. كان وما زال أحد الأصدقاء إذا شعر بالضيق، وأراد التخلص من الضغوطات شاهد قناة ناشيونال جيوغرافيك أو قناة ديسكفري، يقول إنه يجد المتعة والانفكاك من ضغوطات العمل والحياة. أعتقد أن نجاح مثل هذه القنوات لا يعود فقط لأننا نتعرف على أشياء جديدة مثل سلوكيات الحيوان ومهاراته، بل لأن الأفلام المصورة عن الحيوانات تقدم لنا حكايات شيّقة عن الحيوانات بجودة ومهنية عالية، نشاهد في نصف ساعة ما استغرق تصويرة شهورًا أو حتى عامًا أو أكثر، مع تعليق صوتي يستخدم لغة أدبية دقيقة، هذا ما يجعل ما نشاهده ممتعًا وجاذبًا. في إحدى المرات شاهدت حكاية نمرين أخوين رافقتهما الكاميرات عدة شهور، وخلال معركة من المعارك تفرقا وذهب كل واحد منهما في اتجاه، جُرح أحدهما جراحًا مميتة، وبقي النمر الآخر يبحث عن شقيقه المصاب أيامًا حتى وجده، لكن النمر الجريح كان يعيش أيامه الأخيرة. هذه الحلقة كانت حكاية، أكثر من كونها معلومات عن النمور وسرعتها أو فترة حمل الأنثى. تطلّب تصوير قصة النمرين الأخوين إلى طاقم تصوير عاش في الغابة، وإلى كاميرات وسيارات وتكاليف أخرى لا داعي لذكرها، لكن كل ذلك أنتج لنا عملًا لا يستحق المشاهدة فقط، بل الاعجاب لصانعيه الذين احترموا المشاهد. فيلم آخر كانت حكايته هو البحث عن حيوان نادر، آخر مرة شوهد فيها قبل سنوات طويلة، وبعض العلماء خمنوا أن الحيوان انقرض ولم يعد له وجود. كان الفيلم ممتعًا، وقاسيًا على طاقم العمل، توجب عليهم العيش في الغابة، والبحث دون توقف، مع خلق بيئة مطمئنة كون الحيوان النادر حذر جدًا. في الآخر تم العثور عليه، وكانت فرحة فريق العمل كبيرة، وبكى بعضهم فرحًا. هذه المهنية والمحبة للعمل، هي من أنتجت لنا الأفلام الرائعة عن عالم الحيوان، وهي من جعلت قنوات مثل ناشيونال جيوغرافيك وديسكفري ناجحة ومتابعة من مئات الملايين.