شريانٌ مدعوم
عيد الأُضحية المُبارك، الساعات الأولى من النهار، الوجوه المُبتسمة في الوجوه، والشريان الأيمن من القلب مُغلق. الطبيب يضع الدُعامة في القاعدة، ويفتح الطريق للدّم، والأفكار لا تتجلّط. النظرة للحياة لم تعد كما كانت، والمُعتاد يتحوّل إلى خطرٍ جاثم، والشكُّ يُسيطر على الجسد، والروح الوثّابة ترغب في أن تقفز كما صغيرٍ في بركة ماء.
الدماء تسيل على الأرض من ذبح الخروف، والبطون تنتظر، والنبض يراوح بين الخوف والرجاء، بين المقدرة وعدم المقدرة، والعين الصامتة تتعلّق بالدمِ المُسال، وحالة الشريان المدعوم برقاقةٍ معدنيّة، ودهونه الطافية. حالةُ تكتُّلٍ داخليةٍ مُرعبة، وصمتٌ بين العروقِ لا يقطعه صوت رغبة. الأمسُ ليس كما اليوم، والقلبُ المُحب يصلُ الحياة، والعجزُ صمت، والكلام وجع، والفهم الخاص مشكلةٌ أزليّة.
إن الدُنيا لصديق المقاهي، المطارات، أروقة الجامعات، والمكتبات القديمة، جُملة أسئلة. إنّ الصباح المُفعم بالعطور، وكتابات الجريدة، رفقة لا تخون. كُل الآلام التي سكنت الصدر، كانت آلامًا. كُل الذكريات التي تُستحضرُ، كانت أيّامًا. كُل الملامح التي عبرت.. عبرت، ولم يبق إلاّ معدّل النبض، وارتفاع الأنزيم، والخطّ المُتعرّج على ورقةٍ ورديّة.
سلامٌ على القلب القديم، بل القلب السليم، الذي دسّ الجرّاح في داخله شريحة اتساع، دون أن يدري أن الدماء التي لم تجد طريقها، قد أوجدت طُرُقها، واستحدثت رحلة لا مثيل لها. سلامٌ على الشريان المربوط بأزمنة الحنين، لا بدماءٍ عابرة، وكُل الأيّام شريان.
قليلاً ينقضي العيد، والسلسلة تبدأ في الطول. عند العاشرة سيولة، وبعدها بساعتين ضبط التدفّق، ومنتصف النهار الحفاظ على الضغط، وعند حلول الليل التأكد من السلامة. ومع مرور الوقت تزداد المحاذير، لا حلوى، لا لحم، لا جُهدًا عاليًا، مع الإكثار من الورق، والأخضر الملفوف. والممنوعات تحضر، لا سفر طويل، لا تبغ، لا ملح، لا سُكّر، لا سهر، ولا ضحكات غير مُبرّرة. ماذا يفعل المسكون بالتمرّد، وكسر المُعتاد؟ ماذا يفعل بمواعيد العيادة المُملّة، والنصائح المُردّدة؟ كيف سيعود إلى المضمار، ويركض مثل عدّاء؟ كيف سيعبر في أيّام السقوط؟
لا شيء يُنهي مثل توقّف.. لا شيء يُبقي مثل حُلُم.