خبز تنُّور
صحوت من النوم باكرًا، فتحت التلفزيون فظهر المذيع يقرأ: الروس والأوكرانيون سيتبادلون جثث 12 ألف قتيل! لم تكن بداية جيدة لصباح يوم جديد، ضغطت على الريموت فظهرت المذيعة تتحدث مع المراسلة في لوس أنجلوس ومن خلفها سيارات الشرطة المحترقة، والجنود المنتشرين يصوبون الرصاص المطاطي نحو المخربين، حتى المذيعة تلقت رصاصة مطاطية في قدمها. لم تكن بداية جيدة لصباح يوم جديد. قررت ترك نشرات الأخبار، ما الذي أتوقعه من نشرات الأخبار سوى نقل صراعات الإنسان الذي لا يتوب عن صناعة الكوارث !؟
الحل في الضغط على الريموت كونترول والانتقال إلى قناة ناشيونال جيو غرافيك، حيث الطيور تبني أعشاشها بمهارة تفوق مهارة مدام شانيل ـ سامحها الله، وبالمناسبة.. ففي عالم الطيور يعتبر العش الفخم والأنيق مهرًا غاليًا، ومن وسائل جذب الذكر للزوجة، سبق وشاهدت وثائقيًا عن طائر بنى عشًا، لكن لا أنثى أعجبت به، كن يغادرن من أول نظرة للعش، ومن دون سلام. وللحق كان الحق معهن، فالذكر لم يبنِ العش بطريقة جيدة، كان عشًا عشوائيًا. المؤكد أنهن عندما رأين العش رددن المثل الشعبي: من كان هذا أولّه ينعاف تاليه!.
عندما انتقلت الشاشة إلى ناشيونال جيوغرافيك كان وجه النمر يملأ الشاشة، وصوت المعلق الرخيم يقول: يحاول النمر أن لا يكون مرئيًا للغزالة، صحيح أنه أسرع منها، لكنها ماهرة في المراوغة. ثم قفز النمر وبدأ بملاحقة الغزالة التي راحت تركض خطواتها الأخيرة، دعوت الله أن لا يمسك بها، لكنه وأثناء الاقتراب منها، ضربها فأوقعها، ثم ملأ فكه برقبتها الرقيقة. لم تكن بداية جيدة لصباح يوم جديد.
بعد دقائق وصلتني رسالة من صديق: شرايك تجي تفطر معي ؟ كانت دعوته أملًا جديدًا في تغيير مستقبل هذا الصباح. عندما وصلت شاهدت البخار يخرج من خبز التنور الحار، كان ذلك كافيًا لأتأكد أنه فطور لذيذ، ما إن بدأت بالأكل حتى بدأ صاحبي بالكلام غاضبًا: شفت وش سوى منصور «ابن عمه».. راح يكيل الاتهامات لمنصور ويصفه بالوضاعة، استمر بشتمه وأنا أتلذذ بخبز التنور الحار، لم يكن عندي خيار سوى الفوز بهذا المكسب، من بداية غير جيدة لصباح يوم جديد.