2025-08-17 | 22:44 مقالات

باكستان

مشاركة الخبر      

لطالما بدأنا مقالاتنا بسؤال، وهذه المرة لن يكون الأمر مختلفًا… ما انطباعك عن باكستان؟

قد يحكم كثيرون على هذه الدولة من خلال عمالتها المنتشرة في شوارع السعودية، وقطاعاتها الخاصة، أو من خلال أخبار اقتصادها المتواضع، حيث تحتل المرتبة ما بين 43ـ46 عالميًا، مقارنة بالسعودية، التي صعدت إلى المرتبة 17، أحد أكبر اقتصادات العالم، ضمن مجموعة العشرين.
باكستان عانت تاريخيًا من الفقر، والأزمات السياسية، والتوترات الحدودية. لكن، هل تعلم أن هذه الدولة تتفوق على السعودية، واليابان، والصين، وروسيا، وأوروبا كلها… في صناعة منتج رياضي واحد؟

نعم، الكرة. تلك الكرة التي يلعب بها الأطفال والشباب في الحي، والنجوم في بطولات كأس العالم. باكستان منذ أكثر من 40 عامًا تسيطر على صناعة كرة القدم عالميًا.
مدينة صغيرة اسمها سيلكوت بدأت الصناعة منذ عشرينيات القرن الماضي، حتى وصلت للعالمية مع مونديال 1982 في إسبانيا، حين ظهرت كرة «تانجو» الشهيرة، وعليها ختم «صُنع في باكستان».

منذ ذلك الحين أصبحت سيلكوت مصنع العالم للكرات:

• في التسعينيات كانت تورد كرات الدوري الألماني، والفرنسي، ودوري أبطال أوروبا.
• بحلول 1999، أنتجت المدينة 75 في المئة من كرات العالم.
• مونديال لندن 2012، ويورو 2024، وكأس العالم 2014 في البرازيل، و2018 في روسيا، و2022 في قطر… كلها لعبت بكرات مكتوب عليها «Made in Pakistan».
الأكثر إثارة أنّ باكستان أنقذت مونديال 2014 في البرازيل، بعد اعتذار الصين عن عدم تلبية طلبية «برازوكا». أُعطي المصنع البسيط في سيلكوت 33 يومًا فقط لينجز المهمة، فكانت النتيجة توريد أكثر من 42 مليون كرة مطابقة للمواصفات العالمية، ومعظمها بعمل يدوي من نساء يتقاضين رواتب لا تتجاوز 150 دولارًا شهريًا، أي أقل من سعر الكرة الواحدة، الذي يبلغ نحو 160 دولارًا.

هذه القصة ليست للتسلية. إنها جرس إنذار. نحن في السعودية نصنّف رابع أكبر كيان يهتم بكرة القدم عالميًا من حيث الجماهيرية والاستثمار، ونضخ مئات المليارات في تطوير الرياضة، ضمن رؤية 2030، ونتجه لاستضافة كأس العالم 2034. لكننا حتى الآن لا نملك منتجًا رياضيًا عالميًا واحدًا يحمل شعار «صُنع في السعودية»: لا كرة، لا قميص، لا حذاء.

إذا كانت باكستان الفقيرة استطاعت أن تصنع للعالم كرة المونديال، فما الذي يمنع السعودية، صاحبة أقوى إمكانيات مالية واستثمارية؟ الأرض متوفرة، والتقنية يمكن استيرادها، والكوادر موجودة، والإرادة السياسية تدعم أي مشروع رياضي واعد. ما نحتاجه فقط هو القرار والشجاعة لدخول صناعة رياضية متخصصة، تُثبت للعالم أن السعودية ليست فقط مستهلكًا للرياضة… بل منتجًا لها.