2013-07-11 | 06:00 منوعات

الداعية

مشاركة الخبر      

الداعية مسلسل تلفزيوني مصري الهوية من بطولة الممثل الفنان هاني سلامة وعدد كبير من الفنانين المخضرمين والوجوه الشابة، شاهدت بالأمس الحلقة الأولى منه ويبدو أننا أمام عمل درامي ضخم مميز لن يمر مرور الكرام، يحاكي مشهدا اجتماعيا دينيا موجوداً في العالم العربي الإسلامي وليس مقصورا على مصر شعبا ومجتمعا وإن اقتضت الحياة السياسة في فترة الرئيس السابق (الإخواني) محمد مرسي اقتحام الدراما المصرية لقضايا تمس واقعا أثار علامات استفهام وتعجب كبيرة حول الصحوة الدينية التي ظهرت منذ عقدين ومانتج عنها من انعكاسات تشكل تأثيرها الإيجابي والسلبي في أكثر من شكل وصورة وبرواز، ولعل من بين ما أفرزته هذه الصحوة جيل من الشباب تحول بين يوم وليلة إلى (داعية) إسلامي، خاصة أن البعض منهم مزج بين موهبة الإقناع مع وسامة الشكل (ماشاء الله تبارك الله أحسن الخالقين). -لايمكن الحكم على هذا المسلسل قصة وسيناريو وإخراجاً إلا بعد مشاهدة كافة حلقاته، لمعرفة ماهي الفكرة التي يريد المؤلف مدحت العدل إيصالها لأذهان المشاهدين، وتحديدا لابد من الإجابة على سؤال سوف يطرحه النقاد وغيره مما قد يتبادر إلى ذهن المتلقي عموما، وهو ماذا يهدف مؤلفه ومنتجه من هذا العمل واختيار توقيت إنتاجه وعرضه في هذه الحقبة الزمنية التي لاحظنا قبل عزل الحكم الإخواني من السلطة كيف حال القنوات الفضائية التي يطلق عليها صفة (المتدينة) أو التابعة للتيارات الإسلامية المعروفة بمصر، مع العلم والذي يجب على القارئ أخذه في الاعتبار أن المسلسل تم إنتاجه وتصويره قبل أحداث ثورة (30) يونيو، بمعنى أن القصة تناقش بالفعل واقعاً اجتماعياً ملموساً لابد من معالجة ماقد يترتب عليه من مؤثرات سلبية يخشى تأثيرها السيء على الشباب المصري، أم أن الغاية من هذا العمل هو(استهداف) جيل من الدعاة بدأوا ينتشرون بأعداد متزايدة في القنوات الفضائية. -وإن رفضت إصدار حكمي السابق على مسلسل(الداعية) إلا أن مارأيته حقيقة في بعض القنوات المصرية (المتدينة) أوالإسلامية طيلة عام كامل أثناء فترة الرئيس السابق مرسي. ممن نصبوا أنفسهم كـ(دعاة) من خلال تقديم برامج أو المشاركة فيها كضيوف لا أبالغ إن قلت إن الغالبية العظمى مما شهدته كان شيئا بالفعل(مخجلاً) للغاية، بعدما كانت صورتهم عندي وعند كل من كانوا معجبين بهم ومتابعين لهم في فترات سابقة جميلة جدا وفي غاية الروعة، إلا أنها (اهتزت) كثيرا، مما أدى إلى (مسح) أسماء كثيرة من الذاكرة، و(ياخسارة) إذ انكشفت للملأ عندما وضعت على المحك بعدما رسبت في أكثر من اختبار، وللمتلقي اليوم وفي الأيام القليلة الماضية العودة لمتابعة ماكانوا ينشرونه من تغريدات(فضحت) آية قرآنية كانوا عادة ما يرددونها أثناء تقديمهم لبرامجهم اليومية والأسبوعية وخطبهم ومحاضراتهم في المساجد في قوله تعالى (كبر مقتا عند الله أن تقولوا مالا تفعلون) إنهم نسوها تماما. -الداعية الذي استغل ثقة الناس الطيبين له وسخر ما وهبه الله من علم تفقه فيه لمصالحه الشخصية أو لمصالح حزبية أو مجموعات طائفية لايهمها نشر الدين الإسلامي النشر الصحيح ولا المصلحة العليا للوطن، يجب أن لايترك له(الحبل على الغارب)، حيث جاءت أحداث مصر السياسة وفي بلدان عربية مسلمة لتكشف (قناع) من يتسترون تحت مسمى الشيخ(الداعية)، وهذا ما يستدعي من هيئة علماء المسلمين استدراكه عن طريق آلية نظام شرعي يمنح للداعية شهادة معترف بها على أنه يستحق هذا المسمى أو الصفة، وبما يجيز له تقديم البرامج الدينية والمشاركة فيها. لايقبل بدونها ويعاقب كل من لايلتزم بتطبيق النظام، وهو نظام معمول به في سلك القضاة والمحاماة، إذ إن أي محام لايملك ترخيصاً من وزارة العدل بممارسة هذه المهنة فإنه معرض لعقوبة السجن عشر سنوات مع غرامة مالية، فالوضع أصبح خطيراً جدا، وأبناؤنا وبناتنا يتعرضون إلى (غسل) أدمغة، ولهذا ينبغي الحذر الشديد، فبرامج التوعية والمسلسلات التي تعالج مثل هذه القضايا لاتكفي، ولابد للدول أن تدرك حجم خطورة سكوتها على هذه الظاهرة، ومن المفترض أنها تعلمت وحفظت عن ظهر قلب دروس المرحلة الماضية وما أفرزته اليوم من خسائر عظيمة تكبدها هذا البلد وغيره من بلدان إسلامية.. والله من وراء القصد وهو المستعان.