2015-02-28 | 06:00 الكرة السعودية

كبسولة ضد الثرثرة

مشاركة الخبر      

تواصل الرياضية اليوم تقليب أوراق ملف التعصب الرياضي عبر الحلقة الثالثة من ملف (المحتقنون) الذي بدأته الثلاثاء الماضي في حلقته الأولى مع عدد من الاعلاميين قبل أن تنشر الاربعاء الماضي حلقة ثانية مع بعض مسؤولي الأندية السعودية لرصد حالة الانفلات والتعصب الرياضي التي يعيشها الوسط الرياضي السعودي.
واليوم يتحدث في السطور التالية عدد من منسوبي الرئاسة العامة لرعاية الشباب والاتحاد السعودي لكرة القدم عن أسباب تفشّي الظاهره, ويضعون الحلول المناسبة من وجهات نظرهم المختلفة.

جميعنا مشاركون
اعترف مدير ملعب مدينة الأمير سعود بن جلوي الرياضية في الراكة هادي الدوسري بلعب الرئاسة العامة لرعاية الشباب والأندية التابعة لها والاتحادات الرياضية دورا كبيرا في تفشي ظاهرة التعصب بين الجماهير, مرجعا ذلك لغياب دورها الصارم تجاه ذلك.
وقال: "جميع العاملين في الوسط الرياضي يتحملون مسؤولية ما نعيشه في الفترة الحالية, كون الأدوار معطلة بشكل كبير ".
وأضاف: "في الفترة الماضية زادت وتيرة التعصب, وبدأت في أخذ منعطف خطر ".
كما يرى الدوسري أن مواقع التواصل الاجتماعي مع ظهورها ساهمت في زيادة الاحتقان لدى الجماهير, بينما حمل وسائل الاعلام جزءا من المسؤولية, مطالبا وزارة الثقافة والاعلام بضرورة فرض الرقابة تجاه ما يطرح في البرامج اليومية الفضائية والاذاعية, إلى جانب عدم اغفال ما تحمله الصحف اليومية الرسمية من مخالفات.
وأوضح: "يجب أن يكون اختيار المسؤولين على الأقسام الرياضية في الصحف بدقة تامة, كما أن مقدمي البرامج والمعدين يجب أن يخضعوا لضوابط مهنية تحافظ على تهدئة الشارع الرياضي, ليس كما نشاهده الآن حيث غاب دور البرامج الحقيقي والرسالة المفيدة المتطلب ايصالها للجماهير بدأت غائبه ".
وشبه الدوسري حال البرامج الفضائية بـ"خالف تعرف", مشيرا إلى أن العديد من الضيوف اعتمدوا الآراء السلبية والمخالفة من أجل كسب مزيد من الشهره.
وزاد: "كما أن البرامج للأسف بدأت تعتمد على استضافة هؤلاء من أجل كسب أكبر عدد ممكن من المتابعين والحصول على ردود فعل واسعة, والمتضرر في النهاية هو المشجع الذي ينتظر من هؤلاء الفائدة وليس الاثارة المصطنعه والتشكيك وكيل التهم ".
وشدد الدوسري على أهمية دور مدراء الملاعب والمنشآت الرياضية في نبذ التعصب, من خلال وضع الشعارات على أسوار المدن الرياضية, وتوصيل رسائل تثقفيفة للجماهير عبر الشاشة الإلكترونية للملاعب خلال المباريات.
وأضاف قائلا في هذا الجانب: "كما أن البرامج ينبغي على مقدميها توضيح مفهوم المنافسة الشريفة بين الأندية, كوننا في النهاية إخوان يجمعنا دين واحد وبلد واحد حتى وإن اختلفنا في الميول ".
كما طالب الدوسري الاتحاد السعودي لكرة القدم ورابطة دوري المحترفين استحداث جوائز في نهاية الموسم تعني بالجماهير المثالية, من خلال حضورها للمباريات وتشجيعها المثالي وعدم اساءتها, على أن يتم التقييم عبر لجنة الانضباط كونها المعنية بالمخالفات الجماهيرية.

تأثير الصغار
أكد مشرف رعاية وإنماء الشباب بالمكتب الرئيسي لرعاية الشباب بمنطقة القصيم علي المقبل أهمية تدخل وزارة الثقافة والاعلام ووضع لوائح خاصة تطبق في حق المتجاوزين عبر البرامج الفضائية والاذاعية والصحف اليومية الرسمية.
وقال: "هؤلاء أسباب التعصب والانفلات في الوسط الرياضي, عندما يوضع قوانين وتطبق في حقهم سيعلمون بأن هناك من يترصد لأخطائهم وبالتالي ستبدأ الظاهرة في الزوال تدريجيا ".
وشدد المقبل على دور المراكز الشبابية التوعوية في تثقيف الجماهير الرياضية عن أخطار ومضار التعصب والانفلات الرياضي, مشيرا إلى أن الاشكالية الحقيقية تكمن في كون شريحة كبرى من هذه الجماهير في سن صغيرة وبالتالي تأثرها بما يطرح في وسائل الاعلام سواء كان سلبيا أو ايجابيا.
وأضاف: "كما أن الرسائل التوعوية يجب أن تكون مكثفة على مدار العام, من خلال البرامج التلفزيونية والاشارات المرورية, بدأنا نفقد حلاوة المنافسة, وتأخذنا المسيرة نحو التشكيك والمؤامرات بشكل سلبي دون وجه حق ".

فقدنا متعة المنافسة
تحسر عضو لجنة الانضباط بالاتحاد السعودي لكرة القدم فهد القحيز على واقع الرياضة السعودية, مبينا أن حالة التعصب الجماهيري والانفلات الاعلامي بدأت في ازدياد مستمر خلال الأيام الماضية, ومطالبا الجهات المسؤولة بضرورة التدخل ووضع الحلول العاجلة للحد من تفشّي الظاهرة.
وقال القحيز: "ما نعيشه حاليا افقدنا جمالية اللعبة, وأصبحنا بعيدين تماما عن الروح الرياضية, والمنافسة الشريفة, بدأنا وكأننا في صراعات عدائية, والبطولات والمباريات تحولت إلى معارك ومعسكرات تقودها لغة المؤامرات والاتهامات والتشكيك ".
وأضاف: "لذلك عزفت الجماهير عن متابعة المباريات المحلية, وتوجّهت بسبب الأجواء المشحونة إلى ملاعب وبطولات أوروبية وعالمية".
ويرى عضو لجنة الانضباط أن خمسا من الأسباب ساهمت في التعصب الرياضي والانفلات الاعلامي, أهمها هو اعتماد بعض وسائل الاعلام على الأشخاص السلبيين بآرائهم والمحتقنين دوما, والذين حسب رأيه يعملون على تأجيج الوسط الرياضي, كون من يستمع إليهم شريحة كبيرة من الشباب غير المدرك لتفاصيل العمل في الأندية والمنظمات الرياضية.
وتابع: "كما أن رؤساء ومسؤولي الأندية سبب في التعصب, كون تصاريحهم تزيد من غيظ واحتقان الشارع الرياضي, على الرغم من مطالبتهم بالهدوء والعمل على تخفيف وطأة التعصب وتعزيز مفهوم المحبة بين الجماهير الرياضية ".
وحمل القحيز مواقع التواصل الاجتماعي جزءا من المسؤولية, لكون النشطاء فيها غرقوا في سجالات لا أهمية لها حسب تأكيده, كما لم ينس المنتديات الخاصة بالأندية, إلى جانب روابط تشجيع الأندية خلال المباريات, والتي توقفت عن بعض الأهازيج التي يطلقها ويزعم بأنها تزيد من الشحن والكراهية بين الجماهير".
ووضع القحيز العديد من الحلول لايقاف الظاهره, أهمها هو فرض العقوبات على المخالفين من الاعلاميين, والسير على نهج لجنة الانضباط التي تعاقب كل مسيء ومتجاوز في حديثه الاعلامي من المشمولين في لائحتها, والمنتسبين للمنظمات الرياضية والواقعين تحت مظلة اتحاد كرة القدم.
وقال في هذا الجانب: "يجب أن تكون العقوبات مشددة ورادعة, تصل إلى الايقاف علاوة على فرض غرامات مالية, كون ذلك سيكون له دور كبير في تصحيح السلوك, كحال عقوبات المخالفات المرورية والتي صححت كثيرا وحدّت من الحوادث المرورية ".
ولم ينس القحيز التشديد على تحرّك وزارة الاعلام والثقافة تجاه سن لوائح وأنظمة خاصة إضافة إلى تحديد الجهة القضائية التي تحفظ حق كل متضرر, مبينا أن ذلك سيزيد من الرقابة الذاتية لدى كل شخص, كونه سيعلم بأن هناك من يحاسبه على تجاوزاته إن حدثت.
كما أشار القحيز إلى أن العمل في وسائل الاعلام السعودية بات في حاجة إلى تنظيم بشكل أكبر, إلى جانب تفعيل جهة رقابية عليه ومحاسبته وتقييمه, مضيفا: "لا يجب الاكتفاء بمعاقبة المتجاوزين من خلاله, بل الأهم هو محاسبة الجهة الاعلامية التي سمحت بتمرير هذه التجاوزات عبرها ".
وواصل حديثه: "كما يجب على وسائل الاعلام اختيار المؤهلين لتمثيلها, لكننا أيضا بحاجة ندوات لتثقيف الجماهير, فهي بحاجة إدراك حقيقة المنافسة, وأن واقع البطولات يحتم تتويج بطلا واحدا في النهاية ".
وتخوّف القحيز على مستقبل الرياضة السعودية حال ما سارت الأمور على ماهي عليه حاليا, محذرا من تجاوز الوسط الرياضي مرحلة القول, ودخوله في حالة الفعل.
وقال في هذا الجانب: "أخشى على رياضتنا أن تشهد مستقبلا حالة مشابهه لنهائي مسابقة دوري أبطال آوروبا عام 1985, عندما حدثت مناوشات جماهيرية قبل المباراة بين فريقي ليفربول الانجليزي ويوفنتوس الايطالي, وراح ضحيتها ما يقارب 39 شخصا وإصابة ما يقارب 600 آخرون ".
وتابع: "ذلك بسبب العدوانية والكراهية, ملعب هيسل في العاصمة البلجيكية بروكسل امتلأ بالدماء, كل ذلك بسبب الاحتقان والتعصب بين جماهير الناديين ".
وذهب القحيز في تحذيره إلى الحديث عن ما شهدته كرة القدم المصرية مطلع العام 2012, حينما لقي 72 شخصا حتفهم في ملعب بورسعيد قبل المواجهة الدورية بين الأهلي والمصري, وهي كارثة صنفت بأنها الأكبر على مستوى الكرة المصرية.

الندوة ضرورية
يرى مدير المكتب الرئيسي لرعاية الشباب بالمنطقة الشرقية فيصل العبد الهادي أن من أسباب التعصب الرياضي والانفلات الاعلامي هو أن من يتحدث عن حلول لوقف وعلاج الظاهرة أشخاص غير مؤهلين لفتح مثل هذه المواضيع, حيث شدد على أهمية فتح مثل هذه الملفات ومعترفا بأن الحلول لن تأتي بمجرد تصريح ينشر في صحيفة رياضية متخصصة.
وأضاف: "أتمنى من القائمين على صحيفة "الرياضية" العمل على اقامة ندوة إعلامية ومناقشة التعصب الرياضي وفتح المجال أمام متخصصين في علم النفس والاجتماع والتربية والقوانين والأنظمة والاعلام الرياضي للحديث عن الظاهرة ".
وتابع: "في مثل هذه الندوات ممكن أن نصل إلى حلول, والأهم هو أن يتفاعل معها الوسط الرياضي, وكان لنا في مكتب رعاية الشباب بالمنطقة قبل عام تجربة مماثلة, حيث أقمنا ندوة ولكن لم تأت بنتائجها, رغم التغطية الاعلامية المميزة التي حظيت بها, إلا أنها ذهبت دون تفعيل مخرجاتها ".
وكشف العبد الهادي بأن التعصب الرياضي أصبح في الفترة إحدى المشكلات التي يعاني منها المجتمع السعودي, متوقفا عند العديد من حالات الطلاق والمشاجرات بين مشجعين لأندية متنافسة أو على ضوء نتائج مباريات كرة قدم.
وأوضح: "للتعصب الرياضي سلبيات عديدة على المجتمع السعودي, وشاهدنا في الأيام الماضية حالات طلاق وعمليات قتل واعتداءات ومشاجرات أفرزها التعصب الرياضي ".
وزاد: "كما أن العديد من رجال الأعمال هجروا الوسط الرياضي بسبب حالة التعصب التي نعانيها, والخوف مستقبلا على خروج وابتعاد الشركات المستثمرة لدينا, سواء كانوا رعاة أو داعمين لكرة القدم والرياضة في السعودية ".

عواقب وخيمة
تخوّف مدير المكتب الرئيسي لرعاية الشباب بمنطقة القصيم عبد العزيز السناني من عواقب وخيمة يحدثها الانفلات الاعلامي الرياضي والتعصب الجماهيري الذي تعيشه الرياضة السعودية في الفترة الأخيرة, مشيرا إلى أن حالة الانفلات في كافة المجالات نتيجتها قد تصل إلى الكوارث ما لم يتم التدخل بشكل عاجل.
ويرى السناني أن السابق بين بعض الاعلاميين والصحفيين الباحثين عن صدارة المشهد وكسب المتابعة في مواقع التواصل الاجتماعي سببا رئيسيا في تفشي الظاهرة, مؤكدا أن هؤلاء لم يجدوا رادعا في الفترة الأخيرة.
وأضاف: "أخذوا يصولون ويجولون بحثا عن شهرة مزيفة لا تدعمها الموهبة بل رصيد هائل من الشتم والألفاظ البذيئة, وهم بالتأكيد يتلقون مثل ذلك مقابل الشهرة التي يبحثون عنها مقابل كرامتهم وآدميتهم ".
وتحسر السناني على واقع الرياضة السعودية والحالة الجماهيرية المتشنجة, مبينا أن ذلك سببا في انخفاض الولاء للمنتخب الأول وذهابه بنسبة أكبر للأندية, متوقفا عن وصول المتلقي إلى مرحلة رفض كل ما هو معارض لناديه المفضل.
وزاد في هذا الجانب: "كل هذا من بركة اللا إعلاميين .. تعرضت الذمم إلى الطعن وعانت الكرامة من الاهانة كثيرا, حتى خضنا في وحل التعصب البشع المقيت ".
وعن الحلول التي يراها مناسبة للحد من الظاهره قال: "يجب أن تطوّق هذه الحالة بحديد العقاب وفق أنظمة تسن لذلك, وإلا سنذهب أكثر إلى تشنج وتعصب أكبر ".