لن أغضب
كمسلمين نقرأ ونسمع القرآن بشكل يومي – في صلاتنا على أقل تقدير – ولكننا نفاجأ أحياناً بآية نسمعها فتحركنا وكأننا نسمعها للمرة الأولى، هذا بالضبط ما حدث معي وأنا في طريق العودة من كوالالمبور إلى دبي، فقد كنت في قمة الغضب بسبب البيانات التي سبقت إقلاع الطائرة، حاولت أن أشغل نفسي بتصحيح أوراق امتحانات الطلاب التي حملتها معي، ولكنني خفت أن يؤثر غضبي على تقييمي لإجاباتهم، فحاولت النوم ولكن هيهات، فأخذت السماعات وقررت أن أسمع شيئاً من آيات الذكر الحكيم، وكانت مفاجأة عجيبة أن سمعت المقرئ يتلو قوله تعالى: "والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين".
نزلت الكلمات كالبلسم الشافي على قلبي الجريح، ولم أعد أسمع سوى تلك الآية الكريمة ترن في رأسي وتذكرني بأن أهم صفات المؤمنين هي كظم الغيظ، وأن "الحلم سيد الأخلاق"، واستشرفت المرحلة المقبلة فزاد يقيني بأنني سأغضب كثيراً من الطروحات الإعلامية التي ستغطي الأحداث، وإن شخصي المتواضع سيكون في فوهة المدفع الإعلامي بمناسبة وبدون مناسبة، وأن الأقنعة ستسقط وسأسمع وأرى ما يثير في نفسي الغضب، فقررت أن أصمت وأتريث وأحلل الموقف بروية قبل أن أبادر بالرد على أحد. وسأكتفي بالظهور الصحفي عبر البيان الذي نشر في جميع الصحف، والمداخلة الوحيدة في قناة أبوظبي الرياضية، وسأتوقف لإلتقاط الأنفاس ودراسة الأجواء المحيطة بالحدث، مع مجاهدة النفس على كظم الغيظ ما استطعت إلى ذلك سبيلاً. وعدت إلى كراسات الطلاب أصحح بنفس هادئة وعقلية متفتحة فكانت الدرجات مفرحة ولله الحمد.
أحبائي الكرام، تمر الرياضة الخليجية بمنعطف خطير هذه الأيام، لأسباب لم تعد خافية على أحد، وستحمل الأيام المقبلة الكثير من الأحداث التي ستشبع نهم الإعلاميين للإثارة التي سيشعلون نيرانها هنا وهناك، وسيشترك الجميع في الحدث، فمنهم من يحمل الماء ليطفئ النار، وفيهم من سيحمل الزيت والغاز والبنزين ليزيد من وهج النار وحرارتها، فإلى أي الفريقين تريد أن تنتمي يا قارئ المقال؟
هل أنت من حملة الماء أم من حمالي الوقود والحطب؟
قبل أن تجيب، أود أن أذكرك بالحديث الصحيح، أن رجلا قال للنبي صلى الله عليه وسلم: أوصني قال: "لا تغضب"، فردد مرارا قال: "لا تغضب". صدق الرسول الكريم عليه أفضل الصلاة وأزكى التسليم، فليتنا نتعلم كظم الغيظ والعفو عن الناس، فيقيني أن الالتزام بوصية "لا تغضب" كفيل بمد جسور التواصل وتقريب وجهات النظر وحل جميع المشاكل، وسأبدأ بنفسي فلن أغضب.. وعلى دروب الحلم نلتقي.