التعالم
تصل ثقة الإنسان بنفسه حد التضخم.. فيعتقد أنه يفهم في كل شيء ولايريد أن يسمع إلا الآراء التي توافق رأيه أو تسعده، ويحيط نفسه بزملاء وأصدقاء ممن يطبقون موافقة هذا المتعالم على مايريد رغبة فيما عنده من مال أو تجارة، ويحدثني زميل عن رجل أعمال وصل إلى مراتب متقدمة في النجاح المالي حتى أعتقد أنه مستمر في نجاحه واستثماراته، والتف حوله المديرون التنفيذيون يتسابقون لكسب رضاه ومنافقته طلبا لما عنده من مال، وأصبحوا يهزون رؤوسهم عندما يقول رأياً أو يريد الدخول في مشروع استثماري بحيث يرون ماهي رغبته.. فإذا عرفوا الاتجاه الذي يرغب فيه تسابقوا على مدح هذا النوع من الاستثمار لأنهم عرفوا أنه متعالم يعتقد أنه يعرف كل شيء وبالتالي يمتعض ويبدي استياءه ممن لايوافقه على آرائه وتوجهاته ... وبطبيعة الحال النتيجة أصبحت كارثة لأنه استمر في استثماراته الخاطئة ولايستمع إلى الخلصاء الصادقين.. وما أن بدأ يخسر في تجارته حتى كان أولئك هم أول الهاربين والمتخاذلين والأسرع في تركه وهجرانه.. لأنهم عندما كانوا يوافقونه في الرأي لم يكن بهدف النصح وإنما بهدف التقرب والحصول على المنافع المادية التي توفرها شركته.
زرته في مكتبه الذي اضطر للانتقال إليه في شقه صغيرة ولم أجد عنده إلا عاملاً آسيوياً رث الثياب بعد أن كان في مبنى رئيسي ضخم اضطر لبيعه لتسديد بعض الديون المتراكمة.
استقبلني بدمعتين وكان حاله يقول: بعد كل ماحدث تصبر وتعود للتواصل معي، قلت: ليس ادعاءً ولكن مافعله الوشاة لايجعلني أنفر منك وكنت معك وسأظل وفياً وسأبذل جهدي للمساعدة في التحرك معك لحل مشكلتك.