مصفق
في حديث جانبي مع أحد المخرجين السعوديين الذين عملوا فترة في بعض البرامج التي تنتج في لبنان لصالح بعض القنوات الفضائية بأن هناك وظيفة(مصفق) يستلم شاغلها مبلغاً وقدره 2500 دولار أمريكي، ومهمة هذا الموظف هو الحضور وقت تسجيل البرنامج ولايهم تركيزه في البرنامج أو حضوره الذهني وإنما عليه متابعة مصباح موجود في الأستوديو وعندما يضيء المخرج اللون الأحمر يبادر المصفق بالتصفيق وطبعاً ليس العدد واحد وإنما بالعشرات. عجبت من هذه الوظيفة ومهامها فهي وظيفة مزيفة، إذ إن الشخص لايعلم مايدور في الحوار، والهدف من التصفيق هو غش المشاهد بأن ما قاله أحد الضيوف هو مدعاة للإعجاب والتصفيق، وهي ممارسة بليدة يتصف بها مثل هذا النوع من البرامج الوهمية في الأداء والتنفيذ والتي تحمل أكبر درجات الغش والخداع للمشاهد، وللأسف فإن وهم الإعجاب بالعاملين الفنيين في هذه البرامج، ونقل تصويرها إلى هناك يمثل عدم دراية المسئولين على الإنفاق على هذه البرامج عن ماهية هذا الإنتاج المكلف الذي من الممكن أن ينتج في أستديوهات كل محطة دون الإنفاق الكبير، وكأن نجاح البرنامج هو في هذا الكم الهائل من الفنيين الذين تخرج أسماؤهم في نهاية الحلقة وغالبيتهم أسماء متشابهة لايقدم ذلك الإبهار الفني للبرنامج سوى في وهم القائمين عليه، أما وظيفة (مصفق)، فهناك الكثيرون في حياتنا الاجتماعية الذين لايجيدون إلا التصفيق بمجرد تلقيهم إشارة معينة سواء على مشروع أو إنتاج أو فكرة معينة، وهم إما يكونوا قد قبضوا الثمن مقدماً أو أنهم بعد تصفيقهم الحار يذهبون للتملق والنفاق لقبض الثمن، والمؤسف أن الذي يكسب في الواقع هم هؤلاء المصفقون لأنهم يعرفون من أين تؤكل الكتف، أما الذين يبادرون بصراحتهم ووعيهم بإبداء وجهة نظرهم دون تصفيق أو تزييف فهم الخاسرون، لأن حقيقة الرأي الآخر غير موجودة والتصفيق هو المطلوب، وعند ذلك ليس للفرد إلا الانسحاب من إبداء رأيه حتى لو كان مهماً ومصيرياً، لأن التجربة كانت سيئة، أو أن ينضم للمصفقين يصفق بحرارة حتى تصبح يداه حمراوين من قوة التصفيق، وهو يعرف أنه كاذب ومنافق ومتزلف، ولكن يوجد التبرير لنفسه بمقولة( المخرج عاوز كذا) وكأنه لايملك القرار في إبداء رأيه بالامتناع عن التصفيق، لكن عندما يرى النعم التي يحظى بها المصفقون يجد أن حيل الله أقوى، وأن التصفيق هي الطريقة الأسلم لبلوغ السلامة. وعموماً وظيفة مصفق تدر على صاحبها الكثير ويحتاج فقط لبعض(الكريمات) للمحافظة على قوة كفيه ونضارتهما ليكون متقناً لعمله في البرنامج.