كما طار وقع
(ما طار طير وارتفع إلا كما طار وقع) مقولة تشخّص واقعاً لأشخاص خدمتهم ظروف معيّنة ليكونوا في مواقع أكبر من إمكانياتهم وقدراتهم ومهاراتهم واستعداداتهم الاجتماعية والعقلية.. فيرتفع معتقداً أنه محلّقاً في المجد والمكانة ويبدأ يتصرف بعنجهيةٍ وغطرسةٍ وتكبر حتى على أولئك الذين ساعدوه وساندوه وآزروه حتى وصل إلى ما وصل إليه.. وهذه النوعيّة من البشر تعاني من عقد نقص متعددة، فهو يعرف أن هذا الطيران مفاجئ وسريع وغير معتاد؛ ولكن الذي يفوته أنه يعتقد أنه سيظل محلّقاً في نفس المكانة المرتفعة مزهواً بعقله الصغير وتفكيره الضيق ونرجسيته المتقوقعة على ذاته؛ ولا يعلم أن الغرور يقبر صاحبه ويعجل بسقوطه.. وكم نصادف في يومنا نوعيّات من هذه الشخصيات المريضة فهو في واقعه السابق نكرة لا قيمة ولا مكانة ولا علم ولا أدب ولا أخلاق؛ ولكن بضربة صدفة وفي ظروف معيّنة استغل بها خداعه ولؤمه ومكره وانتهازيته قفز وطار وارتفع محلّقاً بالطيران في لحظة ذهول من المحيطين حوله، الذين يعرفون إمكاناته وقدراته وأنه أقل بكثير من هذه المكانة التي وصل إليها ويستدلون بصدق نظرتهم تجاه الوضع الذي وصل إليه هذا الفرد بطريقته في التعامل وتعاليه وتمحوره حول ذاته والنظر إلى الناس بفوقية وغرور وتعالٍ.. ولهذا تأتي هذه المقولة ويثبتها الواقع بأنه ما طار طير وارتفع إلا كما طار وقع، فيعود إلى المكانة الدنيا التي يستحقها لأنه لم يحسن التعامل وتطبيق مبادئ التواضع وشكر الله وحمده على نعمائه، وبالتالي جاء السقوط المريع الذي يستحقه.