محمد عبده
قابلت صديقي القديم في مقهى باريسي في شارع الشانزلزيه ونحن نقضي إجازة الصيف.. وقال إنه يسكن في فندق يقابل فيه عند الفطور فنان العرب محمد عبده، وهو يتوكأ على عصا في مرحلة استشفاء بعد العارض الذي ألمّ به ومعه عروسه الجديدة؛ وأنه سعيد بتحسن صحة هذا الفنان المميز.. قلت أما عن المرض فكلنا مررنا بهذه المشكلة، وهذه طبيعة الحياة وبالذات عند الموهوبين وأصحاب العطاء، والذين يحرصون على إسعاد الآخرين حتى ولو كان على حساب صحتهم، وهذا ما حصل لمحمد عبده، حيث الحفلة خلف الحفلة والمناسبة وراء المناسبة، ومزيداً من أجراء البروفات، وهذه شخصية مهمة لابد لمحمد عبده أن يجاملها لكي تشعر بالفخر، لأن ابن عبده غنى في مناسبتها، وهذه شخصية أخرى تجد أن محمد عبده مهمٌّ وجوده في المناسبة الوطنية لهذه الدولة أو تلك، وهكذا مزيداً من البروفات ومزيداً من المجاملات حتى سقط محمد عبده، وأصبح في جلطة وغيبوبة بين الحياة والموت حتى لطف الله بحاله ونجا بدعوات محبيه ومتابعة وتدخل الصادقين في تقديرهم والمقدرين لموهبته، وعلى رأسهم ملك الإنسانية عبدالله بن عبدالعزيز -حفظه الله-.. المهم أن أبا عبدالرحمن تجاوز العارض الصحي وكسبه محبوه وتباشروا بدعواتهم لشفائه ليعود رسول المحبة والإنسانية والكلمة الجميلة الصادقة الرائعة. سمعنا زميلاً ثالثاً، حيث قال: إنني أعرف كثيراً من أصدقائي كانت أغاني محمد عبده رسالة الحب والبداية والعشق لزوجاتهم الآن وأمهات أولادهم.. (داعي الأشواق ناداني الحنين وطال السهر طال وإلى مني نسيت الهم ساعة وولعتني وخليتني أنشد الناس وما بقالي قلب يشفع لك خطيه ولا تردين الرسايل وضناني الشوق واختلفنا من يحب الثاني أكثر وعلى البال كل التفاصيل على البال وغافل الهم قلبي واعترف لك وهيا معي ومالي ومال الناس وشبيه الريح ومذهلة ومساء الخير والبرواز ومجموعة إنسان ومن بادي الوقت وبنت النور والأماكن وما في داعي وشفت خلي بعد غيبه وقسوه وجمرة غضى وطال السفر والمنتظر مل صبره وسافر وترجع يا حبيبي على خير ولي ثلاثة أيام ما جاني خبر ومرني عند الغروب وفي سكة التايهين وشوفي يا عيني الحنان وغنى الحمام واسمر عبر وليلة خميس وابعاد ومركب الهند وسمي...) وغيرها الكثير من إبداعات هذا الموهوب المبدع؛ فماذا عسانا أن نقول ونحن نفتقد صوته في هذا الصيف هذا المختلف المميز صوت السعودية إلى كل مكان؟.. ماذا نقول والوفاء طبعي ومن حنانك أرفع ستار الخجل وهلا يا أبو شعر ثاير وأنا قلبي دليلي ولا تجرحيني جرحك العام ما طاب و يا مستجيب الداعي وفوق هام السحب وأجل نحن الحجاز ونحن نجد وماكو فكه وسلم علي بعينك وخطأ ويا نسيم الصباح وكلك نظر وكلمت والصوت مبحوح الحروف وقلبي اللي لواه وغريب الدار وأنا المولع بها والبراقع ومع التقدير والمعازيم وارفض المسافة واقرب الناس وابا اعتذر وحياتي كلها صبر وجلاده وكفاني عذاب وترحب بغيري وسير علينا يا هوى ويا شبيه صويحبي وعلمتها وعذبة أنتي وعنود الصيد ويا سحابة والسيل يا سدرة الغرمول يسقي ويا عشيري وما عاد بدري ومحتاج لها ومهما يقولون ومرتني الدنيا.. وغيرها الكثير؛ أفلا يحق لنا أن نتأثر ونحزن مع مرض محمد عبده؟.. تداخل في الحوار طرف ثالث بأن زوجته الجديدة من بلد بعيد وهو الذي تتمناه أيّة فتاة، فكيف يقترن بإنسانة ربما يجد صعوبة في إيصال أغانيه إليها وهو الذي تتمناه أيّة فتاة خليجية. قلت الحب لا جنسية له، وبما أن هذا هو اختياره فهو معلمنا في الحب والرومانسية، وقلبه خفق لهذه الفتاة، فينبغي أن نبارك له وندعو له بالتوفيق والشفاء العاجل ليعود متألقاً ناجحاً يطربنا بإبداعاته وعطاءاته المميزة الرائعة المبدعة.