النهايات سرّ البدايات
في تاريخ كرة القدم السعودية كانت هناك مسيرات لنجوم تلألأت في الملاعب وعلى المعشبات الخضراء ونحتت أسماءها في السجل الشرفي المصنوع من الذهب الخالص والمطرز بأثمن الأجحار الكريمة ولم تتحصل على أوسمة الشرف وأنواط الفخر إلا لقدرتها على ربط البداية المثيرة بالنهاية المميزة ومابين " مفتاح " البداية و"قفل" النهاية كانت المسيرة المظفرة المحتوية على الموهبة والمدعومة بالروح والطموح والمغلفة بالأخلاق الحسنة والسيرة الذاتية المميزة التي اقترنت بها المهارات الكروية بالقدرة على اتخاذ القرارات السليمة سواء في البداية أو في أثناء المسيرة ثم في الختام المسك وهي سيرة تشبه المقطوعة الأدبية النثرية الرائعة حيث التمهيد ثم المحتوى ثم الخاتمة ـ هي محتويات للأسف يجهلها من دخل للكتابة الرياضية من الأبواب الخلفية دون صقل علمي وأكاديمي لموهبة فطرية ظلت كما هي ـ ومن أمثلة الأسماء المفخرة للكرة السعودية ماجد عبدالله وسامي الجابر والثنيان وصالح خليفة والدعيع وأحمد جميل ومحمد عبدالجواد وصالح النعيمة والتمياط ومحيسن ويوسف خميس والرومي وشايع النفيسة فقد نجحت هذه الأسماء ومعها الكثيرة فما ذكر مجرد نماذج فقط أقول نجحت هذه الأسماء في كتابة نفسها في خانة الأساطير سواء على مستوى الكرة السعودية أوعلى مستوى أنديتها وبينها جميعا قاسم مشترك فهي بدأت مسيرتها مع فريق كبير وأنهته مع ذات الفريق أو من خلال عملية انتقال كانت نقطة تحوّل وقد يكونوا تنازلوا عن بعض الحقوق للحفاظ على مكتسباتهم التاريخية وهذا ماغاب عن الأسطورة الاتحادية الذي تنازل طوعاً عن وضعية " الأسطورة " حين قادته لحظة غضب عارمة في محاولة الانتقام ممن أبعده عن النادي بطريقة لا تليق بتاريخه الكبير فكانت ردّة الفعل أشد إيلاما ورعونة من الفعل نفسه فقرر الذهاب لناد منافس رغم أن عمره تجاوز الرابعة والثلاثين ورغم أنه حقق كل مايحلم به لاعب كرة القدم سواء من بطولات محلية مع فريقه ثم في البطولات القارية والمشاركة بكأس العالم للأندية بل والمشاركة في كأس العالم للمنتخبات مع المنتخب الوطني وبعضا من البطولات الخليجية والعربية أيضا وكان القرار الأفضل إعلان اعتزال الكرة أوالانتقال لفريق خليجي يقضي معه ما بقي من خريف العمر الكروي لتبقى صورته زاهية أمام العاشق الاتحادي الذي لا يتصوّر أن يشاهد أسطورته مرتديا شعارا محليا ويشارك بقوة لخسارة الفريق الذي أحبه حتى المباني والأزقة المجاورة له. في المقابل كان قرار سعد الحارثي ـ إذا صحت الأنباء التي تشير إلى نيته اعتزال الكرة والذهاب للخارج لإكمال دراساته العليا ـ قرارا رائعا فهو وبعد أن انتهى عقده مع النصر دون وصول لاتفاق انتقل للغريم التقليدي الذي قضى معه موسمين أو يزيد قليلا لم يستطع خلالهما أن يفرض نفسه ضمن الخارطة الأساسية لكنه حقق شيئا أهم وهو إضافة تسجيل بطولتين هما الوحيدتان له في مسيرته الكروية ليسعى بعدها للتفكير في تأمين مستقبله وهو بذلك يتخذ قرارا حكيماً، فالقرار يدل على عقلية ناضجة وأنه اتخذ عن قناعة تامة. الهاء الرابعة لا تطلبِ الحبّ بين الناس تأخذه بل فاطلبِ الحبّ تُعطي منه ما تجدُ أشقى البريّة مَنْ لم يُعنِه أحدٌ وليسَ من كانَ لا يُعْني به أحدُ