منحرف يا محترف
في الماضي القريب ومع مطلع الثمانينات الميلادية وعندما كانت الكرة السعودية تقدم أروع مستوياتها وتتربع على هرم القارة الأكبر على صعيد المنتخب أو بعض الأندية كان اللاعب السعودي محترفاً بشكل كبير رغم عدم تطبيق الاحتراف بشكل رسمي، ولكم في روتينه اليومي خير مثال، فهو موظف ورب أسرة أو طالب دراسي يسكن مع والديه فيستيقظ قبل السابعة صباحا ويتناول طعام الإفطار في المنزل أو في الطريق للعمل أو في العمل وبعد الظهيرة يعود للمنزل ويتناول طعام الغداء ثم ينام قيلولة ويستقيظ مرة أخرى قبل صلاة العصر وبعد الصلاة يذهب للنادي إذا كان التمرين عصرا أو قبل صلاة المغرب إذا كان التمرين ليلا، وبعد الانتهاء من التمارين يعود لمنزله أو يذهب مع الأصدقاء للسمر وتناول وجبة العشاء وقبل الساعة الثانية عشرة يكون في فراشه نائما، ولم يكن يخرج عن هذا السيناريو سوى قلة قليلة سواء من العاطلين عن العمل أو المنقطعين عن الدراسة، وهذه القلة لم تدم في الملاعب طويلا ولم تصل لمرحلة النجومية، وكان المردود المادي ضعيفاً ويزيد عن تحقيق البطولات أو الانضمام لصفوف المنتخب الوطني لذا كان جلّ اللاعبين يقاتلون ويجتهدون من أجل الوصول لهما وتحسين الوضع المعيشي لذا كانت المخرجات رائعة جدا سواء على مستوى المهارة الفردية أو على مستوى الصقل وحين تشاهد مباريات للجيل القديم تجد الأجساد القوية والروح العالية ومع دخول ما يسمى الاحتراف بدأت الأمور تسوء شيئا فشيئا، وكلما زادت المبالغ المالية الباهظة في مقدمات العقود انخفضت المستويات الفنية حتى وصلت الأولى لأرقام فلكية، ولكم أن تتخيلوا أن بعض اللاعبين المحليين يتقاضون أكثر مما يتقاضى «كافاني» هداف الدوري الإيطالي الحالي مع نابولي و «فاران» قلب الدفاع الفرنسي في ريال مدريد العظيم ومن «بوسكيتش» محور ارتكاز البرسا الاستثناء وأحد أفضل اللاعبين في العالم في مركزه، فكافاني يتقاضى مليون ومئتي ألف يورو سنوياً، والثاني يتقاضى ثمانمئة ألف يورو في العام، والثالث بينهما في حين أن بعض لاعبينا تجاوزوا سقف المليون ونصف المليون يورو سنوياً ـ اللهم لا حسد ـ والمصيبة أن تقييم اللاعبين لم يكن نتيجة ما يقدمونه في الملاعب من مستويات خارقة بل نتيجة مزايدات تقوم بها إدارات الأندية التي تعاني جميعا من أزمات مالية طوال العام خصوصا في تأخير الرواتب وبقدرة قادر تختفي هذه الأزمات حين المزايدة على لاعب وفق سيناريو «محبوك» من وكلاء أعمال لاعبين وإعلام وجماهير متعصبة ورؤساء أندية تفكيرهم وخططهم لا يتجاوز « بخرب على النادي الفلاني أو بجيب اللاعب يعني أجيبه لو يقعد في الاحتياط « مستخدمين القاعدة الاقتصادية الشعبية الغبية «اصرف ما في الجيب يأتيك ما في الغيب» هذه القناعات أوصلتنا لمرحلة متدنية مع منتخبات وفرق القارة فهبط تصنيفنا لأقل الدرجات وتفوقت علينا منتخبات كنا نهزمها بـ «رديف الرديف» وللتخفيف عن أنفسنا برعنا في «التشمت» ببعضنا البعض، وهذا ديدن الفاشلين. الهاء الرابعة من منطلق صح وخطا فالبسيطه إن جيتها بالدين وإن جيت بالسلم من لا وقفلك فالأمور البسيطه ما هوب واقفلك ليا وقف العلم