(نحن عنصريون)
ما ظهر في مدرجات ملاعبنا من عنصرية مقيتة ومن إساءات متكررة وبألفاظ نابية تهتك الأعراض وأعراض الأعراض ليست من نتاج المدرجات بل هي للأسف الشديد «ثقافة مجتمع» بدأت من المنزل وغذيت في المدرسة وانتشرت في الشوارع والساحات والأزقة بنسب متفاوتة ـ وهذه الظاهرة ليست على الإطلاق بل على التقييد ـ لكنها موجودة والقضاء عليها يبدأ من المجتمع « الأم « وينتهي به وما يحدث حاليا في الساحة الرياضية هو «تكريس» لها وترسيخ لمفهومها الأعم والأشمل، فالعلاج يبدأ حين نعترف أولاً بوجود المرض ثم في فحص أعراضه وتشخيصه التشخيص الدقيق وحين تعرف المسببات يمكن أن يحضر العلاج لكنه يحتاج لوقت طويل وأفضل سبله « التوعية غير المباشرة « ولابد للجميع أن يشارك في العلاج فالجهود الفردية موجودة منذ زمن لكنها لم تثمر جيدا حتى الآن.
إن ما يحدث في الساحة ومن جميع الأطراف ـ مسؤولين وإعلام وجماهير ـ أشبه بـ « التنابز « فالكل يريد أن يلصق التهمة بالآخر والكل يستفز الآخر حتى يقع في الخطأ ليقوي لنفسه كروياً وينجح في إضعاف الآخر بل إنها استمرار لمسلسل « أنت المريض لا أنت المريض « والطبيب حائر لا يعرف من هو المريض حتى يعالجه.
إن من يخرج ليلبس عباءة الفضيلة وتاريخه مليء بالإسقاطات العنصرية وبالسعي لكشف عورات المسلمين وهتك أعراضهم والدخول في ذممهم والتشكيك في النوايا التي لا يعلمها إلا الله هو ممن يساهم في تكريس مفهوم الإساءة سواء كانت عنصرية أو بألفاظ بذيئة بل ويساهم في انتشارها بشكل أو بآخر وقد قيل قديما « أميتوا الباطل بالسكوت عنه «
وإن أصحاب المعرفات الوهمية وغير الوهمية الذين ينتشرون في مواقع التواصل الاجتماعي ومنتديات الأندية يمارسون الشتم والقذف والتنابز ولا يقرون بشرف المنافسة ولا باختلاف الرأي والرأي الآخر تدفعهم العواطف الجياشة وعدم ضبط النفس والأعصاب، هم من يرسخون هذه العادات السلوكية السيئة ثم يأتون ويدعون المثالية أو ينكرون مايخالف ميولهم وقد كتب أحدهم تعليقاً على موضوع معين « لا تضحك علينا وتبرر للعنصرية شايفنا......... « وقد كتب في الفراغ اسم شعب من شعوب الأرض.
نحن أبناء مجتمع واحد نسيجه الاجتماعي ـ بإذن الله ـ قوي متين، روابطنا فيه أشمل وأعم وأنبل وأقوى من روابط الميول وعرى « الجلد المنفوخ « وكل مدرجات الأندية هي خليط من كل الفئات والشرائح والأطياف، بل إن بيت الأسرة الواحد يضم بين جنباته والاتحادي والهلالي والنصراوي والأهلاوي وعلى هذا الأساس فالكل سواسية ولا تفريق بين أحد منهم لا سلباً ولا إيجاباً، فاتقوا الله فينا ودعوها فإنها من الجاهلية.
الهاء الرابعة
قال تعالى: (يا أيها الناس إنّا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير) «الحجرات/ 13».