2013-01-31 | 08:07 مقالات

هذه حقيقتنا

مشاركة الخبر      

كنت قد توقفت عن حضور مباريات كرة القدم منذ سنوات طويلة لعدم وجود ما يبهج من خدمات تليق بآدمية المشجع وتحترم رغباته الطبيعية ثم لوجود ما " يسد النفس " نظير الكمية الهائلة من السباب والشتم واللعن الموزعة بسخاء على جميع من في الملعب سواء كانوا حكاما أو مدربين ولاعبين وحتى مسئولي الفرق حتى أن الأذن لتسمع العبارات النابية دون أن يستنكر أحد وأتمنى أن يكون السكوت عنها خشية الدخول في صراع مع أطراف متشنجة غائبة عن التركيز وليس لتفشيها حتى أصبحت غير مستنكرة ورغم يقيني أن مباريات الكرة لها مذاق خاص في الملاعب لا يضاهيها المشاهدة التلفزيونية حتى في أفضل القنوات الرياضية في العالم وكنت اعوض ذلك بمشاهدة مباريات خارجية فالخدمات متوفرة والإنسانية محترمة والمكان خال من الشوائب اللفظية تحديدا قبل فترة زمنية دعاني صديق لمشاهدة مباراة محلية تجمع بين فريقين كبيرين في استراحته الخاصة ولم استطع الاعتذار أمام إصراره الكبير وحين حضرت لمكان الوليمة وجدت صاحبي والكثير من أصدقائه في الانتظار بابتسامات جميلة وعبارات ترحيب تليق بهم بأدب جم وطبائع ساكنة ويا سبحان الله ماهي إلا دقائق قليلة من بدء اللقاء حتى انقلبت الأمور رأسا على عقب فسقطت الأشمغة من فوق الرؤوس وتغيّرت أماكن وطرق الجلوس وكثر اللغط وبدأ مسلسل السباب والتي توجهت أولا لمن نشاهدهم في " التلفاز " ثم شيئا فشيئا تشعبت وطالت أسماء لم نشاهدها ولم يكن لها علاقة بالمتبارين بل إن بعضهم يعيش في " حياة البرزخ " ولأن الأمور متسلسلة تسلسلا منطقيا فقد استقرت لغة الشتم واللعن أخيرا في مجلسنا وللحق يوجد بينهم شخص يستحق أن يكون " سفيرا للنوايا السيئة ولإثارة بواعث المشاكل والفوضى " فقد كان يمتلك قدرة عجيبة على إضافة مزيد من الحطب على النار المشتعلة أصلا ويساعد الآخرين في إضافة مواد مشتعلة قابلة للانفجار وحين انتهت المباراة عادت العقول لقواعدها ليست سالمة فهي تعاني من بعض التلفيات وبقي مجلسنا وقد غادره وقاره وهربت حكمته وحين رجعت الملابس الرؤوس للرؤوس واعتدلت الأجساد في أماكنها بعد الرحلة المضنية التفت نحوي " سفير النوايا " وقال لي : " معليش يابو عمر كنا متحمسين " سألتهم بالله ألم يخسروا أحدا بهذه الطريقة ؟ فهم يلعبون بقنابل موقوتة قابلة للانفجار بشكل موجع وكانت إجابتهم طبيعية فقد خسروا كثيرا من احبائهم ليبقى السؤال الكبير لماذا لا نتحكم بعواطفنا ونغلق ألسنتنا عن فواحش القول فاللسان يشكل خطرا كبيرا على صاحبه فقد يسحبه من الجنة ويلقي به في النار الهاء الرابعة في حديث مطول عن معاذ رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " .... ألا أُخْبِرُكَ بِمَلاكِ ذلكَ كُلِّهُ؟ قلت: بلى يا رسول اللّه! فأخذ بلسانه ثم قال: كُفَّ عَلَيْكَ هَذَا، قلت: يا رسول اللّه! وإنا لمؤاخذون بما نتكلم به؟ فقال: ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ، وَهَلْ يَكُبُّ النَّاسَ في النَّارِ على وُجُوهِهِمْ إِلاَّ حَصَائِدُ ألْسِنَتِهِمْ؟"