خصوصيتنا وقضية الجبرين

حدد عبدالعزيز الجبرين بكل وضوح وصراحة رغبته ووجهته المقبلة مثلما حدد من قبله ياسر القحطاني وياسر الشهراني والمحياني وغيرهم من المحترفين السعوديين ونعلم أن الاتحاد الدولي لكرة القدم (FIFA) يضع رغبة المحترف أولاً..

ـ لست هنا بصدد الحديث عن قضية الجبرين لأنها قضية قد تأخذ وقتاً طويلاً ما لم يتم تقديم أوراقها رسمياً للجنة الاحتراف للبت فيها حسماً للجدل القائم حالياً..

ـ قلت في مقالة الأمس إنني (ومع احترامي للجبرين وموهبته) إلا أنني لا أرى أنه يستحق هذا السباق ولا تلك المبالغ الطائلة ولعل ما يؤكد رؤيتي هو سرعة وحرص إدارة الرائد على تسويقه لأنها مقتنعة تماماً أن المبالغ المدفوعة من أجله تمثل سيولة مالية ضخمة (ومغرية) قد لا تتكرر مستقبلاً..

ـ ما أنا بصدده في هذه المساحة هو الربط بين خصوصيتنا الاجتماعية وكل مفاصل حياتنا العملية وبالتأكيد المجال الرياضي جزء رئيس منها..

ـ كثيرون لا يقبلون الاعتراف بمصطلح (خصوصيتنا) ويرون أننا كأي مجتمع في العالم من الممكن أن تطبق عليه اللوائح والأنظمة..

ـ نحن لدينا ترابط اجتماعي وعادات وتقاليد تسمو فوق كل الأنظمة واللوائح بل حتى بعد صدور الأحكام القضائية وربما حكماً بالإعدام نجد العادات والتقاليد والترابط الاجتماعي يتدخل من أجل نقض القرار (أعني هنا الوساطة والشفاعة وليس تغيير حكم المحكمة)..

ـ إذا كانت العادات والتقاليد قادرة على إعتاق رقبة من القصاص فهل نستكثر أن تتدخل (أي العادات والتقاليد) لتغيير وجهة ومستقبل لاعب محترف..

ـ من هو المحترف؟ أليس مواطناً سعودياً يمثل جزءاً لا يتجزأ من المجتمع يؤثر ويتأثر فيه..

ـ لسنا مجتمعاً أوروبياً منقطع الوصال اجتماعياً والمحترف هناك يعيش حياته ويتخذ قرارته بمفرده دون أي تأثير من مجتمعه بل ليس لديه مجتمع وإذا كان من هناك شريك في اتخاذ قراراته فهي زوجته أو صديقته..

ـ بينما المحترف السعودي لا يملك من قراراته سوى أقل من 5% وبقية القرارات تتدخل فيها أسرته وأصدقاؤه بل ربما جيرانه..

ـ وبعيداً عن قرارات المحترف الشخصية نجد التأثيرات الاجتماعية وربما حتى القبلية (على صعيد شيخ القبيلة) تتدخل في هذا الجانب..

ـ لو ناقشت شيخ قبيلة أو شخصية اعتبارية اجتماعية وحاولت أن تقنعه أن اللوائح والأنظمة تمنع هذا القرار أو ذاك لسارع بالقول إنها لوائح بشرية وليست كتباً سماوية وأن هذا ولدنا وحنا أبخص بمستقبله..

ـ صدقوني لا يمكن أن نعيش احترافاً حقيقياً متكاملاً لأن حقيقة مجتمعنا وتحكم العادات والتقاليد هي من يفرض التأثير سواء على قرارات الفرد أو على آلية تطبيق اللوائح والأنظمة..

ـ هل يستطيع ناد ما أن يتحكم في موعد زواج لاعب من لاعبيه؟ بالتأكيد الإجابة لا.. فالأسرة هي وحدها من يحدد هذا الموعد والأولوية للأسرة مهما كانت هناك عقود احتراف بين اللاعب والنادي، بل حتى تدريبات الصباح لم يتم التقيد بها مع محترفينا المحليين بسبب المجتمع والعادات والتقاليد.

ـ بيننا وبين الاحتراف الحقيقي مسافات شاسعة لأننا مجتمع تحكمه العادات والتقاليد وليس الأنظمة واللوائح بل إن هذه الأخيرة (في بعض الأحيان) يتم وضعها وفقاً للعادات والتقاليد..

ـ لا أبالغ إذا قلت إن 99 % من انتقالات محترفينا المحليين تتم وفق العادات والتقاليد والتأثيرات الاجتماعية وليست نتيجة رؤية فنية أو قرار شخصي بحت للمحترف.