مرض تصوير المريض!
ـ الدنيا لا تؤتَمَن، والصحة والمرض بيد الله سبحانه وتعالى، وها أنا أكتب وأنا بكامل صحتي والحمد لله، راجيًا، بل ومستحلفًا إياكم بالله العلي القدير، أن لا يصوّرني أحد حين أكون على سرير مرض، ثم ينشر صورتي بأمنيات وطلب الدعاء لي بالشفاء!.
ـ وخوفًا من أنْ لا يجدي هذا الرجاء المتوسِّل نفعًا، أزيد فأقول: من زارني وأنا مريض ثم أخرج جوّاله لالتقاط صورة، فما زارني، وأُشهدكم أنني لو كنت أقدر على رفض زيارته التي على هذا النحو لفعلتُ!.
ـ ألا يخجل هؤلاء من فعلتهم هذه، يصوّرون الناس وهم في شديدٍ من البؤس والضعف، ثم يتبجحون بنشر هذه الصور مُرفقةً بطلب الدعاء لهم بالشفاء؟!.
ـ ألم يخطر في بال هؤلاء ما الأثر الذي يحدثه مثل هذا الأمر في نفس المريض فيخفيه حياءً أو لعدم قدرته على الصّدّ؟!. وهل هذه الصورة شيء آخر إلا إشارةً إلى فراق وتذكار وداع؟!.
ـ ينشرون صور المرضى، ويرفقون الدعاء لهم بالشفاء وبطلب الدعاء، ثم ينظرون بلهفةٍ خائبةٍ إلى عدد تدوير “تغريداتهم” وما شابه التغريدات، طمعًا في زيادة المتابعين أو طمعًا في تبيان تأثيرهم!.
ـ ويأتيك من لا يدري أن بجاحته مفضوحة حدّ القرف والاشمئزاز، فينشر صورة طفل مريض، أو إنسان ابتلاه الله بعلّة أحدثت أثرها واضحًا على جسده، مُرْفِقًا مع الصورة العبارة التالية، أو ما يدور في فلكها من عبارات: “إن كنتَ ترى أنه جميل.. رتويت”!.
ـ المريض الوحيد الذي يستحق نشر صورته، والتنديد بمرضه، هو مريض التصوير نفسه وليس المريض في الصورة!.
ـ الدعاء، ومَن لا يتمنى الدعاء له في الصحة وفي المرض؟!، وطلب الدعاء من الناس للناس أمر كريم وطيب، وكذلك محاولة المساعدة بطلب توفير سرير أو علاج، كلها أمور خير بإذن الله، لكن لا حاجة بنا لأذيّة إنسان في مشاعره، وتكدير أبنائه وأهله وذويه وأحبته بنشر صوره وهو في حالة الضعف الشديد، ليتم تداولها، بما يخرّب صورته الأولى: مبتسمًا قويًّا وفي بهاء العافية!.
ـ أخيرًا: إنْ رغب مريض في مثل هذا الأمر وارتضاه فالأمر لله ثم له، لا يحق لي الاعتراض ولا الانتقاد، أمّا عنّي فها أنا أبلغكم من الآن: لا شكر الله فضل من صوّرني وأنا مريض، ولو كتب تحت الصورة ما كتب!.
ـ وقانا الله وإياكم شر المرض والضعف والعوز والهرم، وكفانا وكفاكم الشر كله، وشفى الله مرضانا ومرضاكم، ورحم أمواتنا وأمواتكم.. اللهم آمين