المديفر.. عبده خال.. وعواض العصيمي!
ـ في لحظة الفرح يتذكّر الإنسان أفراحه السابقة، يتذكّرها كظِلال أو خلفيّة، هذا أمر طيّب، لكن الإنسان أيضًا، وفي لحظة الحزن، وبالذات الحزن من أثَر الخذلان، يتذكّر ما يتضافر مع حسرته ويُراكمها، مما يكسره أكثر، وهذا أمر غير طيّب!.
ـ بالنسبة لكثير من الكُتّاب والأدباء والفنّانين، يظهر هذا الأمر جليًّا، بسبب حساسيتهم المُفرطة، أو على الأقل بسبب قدرتهم على البوح بذلك ونشره على نطاق أوسع!. خاصةً أنّ أهل الإعلام والصحافة ينتظرون مثل هذه الحسرات، لإجراء حوار ما!، وما أكثر من يركّزون أثناء إعدادهم لأسئلة ما، على تتبّع أرشيف المشاحنات!.
ـ لحظتها، يتحدث الأديب “والفنان عمومًا”، عن خيبة ما مسترجعًا، في اللا وعي، خيبات مريرة كثيرة أخرى، حتى يبدو الأمر وكأنه نُكران لكثيرين وقفوا معه، وساندوه، وفرحوا بنتاجه!.
ـ حتمًا، هو لا يقصد النكران، غير أن الأسئلة، وتحفّز الصحفي أو مقدّم البرنامج لسحب الأديب إلى عوالم أقل بهجة، قد يسحب الأديب إلى تكتيل أكبر قدر يمكن للذاكرة استدعاؤه من المُنغِّصات، وعندها يصبح من الصعب عليه رؤية المشهد بالرحابة الكافية!.
ـ لحظتها يتحدّث الأديب، وكأنّ أحدًا لم يقف معه، وكأنه لم يسمع كلمة طيّبة في حياته، ممّا يحزّ في نفس بعض محبّيه، وممّا يُجانبه الصّواب، إذ ما مِن أحد لم يُهيّئ له الله من الخلق أحدًا يقف إلى جانبه، بمن في ذلك الأشرار!.
ـ لقاء المديفر بالروائي عبده خال، هيّأ الضيف برغبة من المستضيف للحظات كهذه!. بعدها قرأت تغريدات للأديب عوّاض العصيمي، تتناول حسرات عبده خال بملاحظات جديرة بالاهتمام، تصبّ في هذا المصبّ الذي نتحدث فيه وعنه، وإنْ كانت بطريقة أقلّ تقبّلًا للأمر مما تحاول هذه الكتابة صيده!.
ـ أمّا لماذا تحاول هذه الكتابة أنْ تكون أقرب إلى التسامح، فالأكيد أنه لا علاقة للأمر برحابة تُنافِس رحابة عوّاض العصيمي. لستُ بهذه السماحة ولا البراءة، لكنني وأنا أُقلِّب دفاتري الصغيرة التي أكتب فيها فقرات ورؤوس أقلام، وقعت على فقرة، نسيت أسبابها، أنقلها حرفيًا:
ـ “.. بهجة مجروحة الفرح، كان يمكن لها أن تلبس ثياب عيد زاهية وأن تتراقص، لكنها بهجة على أي حال. أتحدث عن تلك اللحظة التي تُخطئ فيها، بعد زمن طويل من العمل الجيّد المحترم والرّاقي والمشغول بصبر ومحبة وموهبة، عمل سنين، يحزنك أنّ أحدًا لم يهمس لك طيلة عمره وعمرك بكلمة طيّبة، أو بنظرة تقدير، حتى تظن أنك تضيع عمرك وتنهك أعصابك هدرًا، وفجأة تزل بكلمة، تخطئ دون قصد، أو بقصد طفوليّ البراءة، أو بقصد آخر، فلا أنت ملاك ولا نبيّ مُرسل، تُخطئ فيتكشف لك حينها فقط كم أنت مهم، وكم هي كلمتك مسموعة، ورأيك مؤثِّر!..”!.
ـ الحمد لله أنني لم أنشرها، أولًا لأنها غير مُنصفة لرائعين وقفوا إلى جانبي بكل صلابة، وثانيًا: لأنني وما أن يكتب عوّاض العصيمي، حتى أجدني واقفًا إلى جانب ما يقول ضد ما قلت!.