ما لا يُرى!
هذا الكون الكبير، صغير جدًّا، جدًّا، لدرجة أنه لا يمكن لنا رؤيته على حقيقته بالعين المُجرّدة!.
ـ "أيّ" شيء، مرتبط بـ "كل" شيء!. رفّة جناح فراشة في الإسكيمو، طفل يركل حجرًا صغيرًا في شوارع ماليزيا، امرأة تنفض غبار سجّادة من بلكونة في القاهرة، طائرة يتأخّر إقلاعها دقيقتين في مطار هيثرو، وإلى ما ليس له آخر من هذه النمنمات، يُسهم في تشكيل وتغيير المناخ في السعودية!. "كل" العالم جمع "أيّات" صغيرة، صغيرة جدًّا.. جدًّا!.
ـ الذين قرؤوا في كتب التاريخ، يعرفون جيّدًا، كم من الأحداث جَرَت، وغيّرتْ وجه ووجهة العالَم، عبر نتائج ما كان يمكن لها أن تحدث، بل ربما انقلبت نتائجها رأسًا على عَقِب، فيما لو كانت الرياح ساعتها مُعاكِسة أو مُحايدة!، أو حتى فيما لو استمرّت هذه الرياح على حالها نصف ساعة أكثر!.
ـ كم كان يمكن لأيامنا هذه أن تكون أيامًا أُخرى، فيما لو كان القمر أسطع إنارةً أو مغيَّب الإشعاع محجوبًا بغيمة، في معركة جرت قبل ألف سنة!.
ـ فيما لو لم تكن، في لحظة من التاريخ، وجبة غداء قائد عسكري ما، أقلّ ملوحةً ممّا يستطيب، سهوًا من رئيس الطهاة، الذي كان لحظة رشّ الملح يُفكِّر بالكيفية التي يُصالح فيها بين أمّه وزوجته التي أغضبت الأم عامدةً لأنها ظّنّتْ أن الحكاية التي سمعتها الأمّ من بائعة اللبن فحَكَتْها إنما كانت تحريضًا للابن على الزواج من ثانية!.
ـ "كل" ما تراه حاصل جَمْع "أي" مع "أي" مع "أي" إلى ما لا نهاية!. الأحداث الصغيرة، الصغيرة جدًّا، هي الأصل، وهو ما تُعجزنا رؤيته.. "تقريبًا".
ـ هذه الـ "تقريبًا" هي الباب الضيِّق الذي تدخل منه كل الفنون والآداب لتقديم صورة أعمق وأصدق، وهي تكذب سعيًا لهذه الـ "الأصدق" تحديدًا!.
ـ الكُلُّ: أيّ!. الأيُّ صغيرة. الكلُّ صغير. الله أكبر!.