2019-03-18 | 22:30 مقالات

ملعب حياة

مشاركة الخبر      

ـ كنت مشجعاً رياضياً متعصباً، في طفولتي راسلت الصفحات الرياضية كاتباً ما أعتقد أنه قصائد مدح في فريقي، كنت أمشي مئات المترات حتى أضع الرسائل في البريد، لا أذكر أنني إن كنت أضع عليها طوابع، من الطبيعي أنها لم تنشر لأنها لم تكن قصائد بمعنى القصائد.
كلمات جمعها طفل رأى أن فريقه أهم شيء في حياته، وعندما جاء فريقي إلى مدينتي وحضرت المباراة كنت أنتظر صافرة الحكم، وعندما انتهت قفزت من السور الفاصل بين الجمهور وأرضية الملعب وركضت نحو اللاعبين، لم أصافحهم بل عانقتهم واحداً واحداً!
ـ في المدرسة كنت ألبس قميص فريقي حتى في كل مكان في المدرسة، ولا أذكر أنني كنت طالباً صانعاً للمشاكل ولا أحب أن أدخل في عراك بالأيدي، لكن ذاك العراك الذي حضره العديد من الطلبة لم أنسه حتى اليوم، وعندما اقتادني المدرس ومعه الطالب "سعود" الذي تعاركت معه سألنا الناظر عن الذي بدأ بضرب الآخر؛ فأشار سعود نحوي فقلت: ولكنه شتم فريقي.. هل تقبل أن يشتم أحد فريقك؟ نظر الناظر إلي متأملاً في وجهي، صمت طويلاً.. كان رحوماً جداً وعاقلاً جداً، قال لي: مد يدك وصافح سعود واعتذر منه، قبل سعود الاعتذار بسرعة وعندما خرجنا نمشي سويًّا قال لي: "معقولة يعني إذا واحد يسب فريقك تتهاوش معاه بإيدينك"!؟
ـ في تلك المرحلة كنا نمر بمستويات متذبذبة وغريمنا التاريخي عوض فيها كل هزائمه السابقة، لكن مباريات الديربي عادة تبدأ قبل صافرة الحكم، بالشحن الإعلامي وهذا ما كنت أفعله، بذكر التاريخ والعراقة والأرقام، في تلك المباراة تحديداً كان فريقي يحتاج إلى كل شيء حتى يفوز، في الحقيقة حتى يتعادل، وهذه كانت أمنية خفية، في تلك الفترة كان يحتاج إلى الدعاء، قبل المباراة بساعة واحدة توضأت وصليت ودعوت الله أن يفوز فريقي، صليت أربع ركعات، لكننا هزُمنا بأربعة، بعد المباراة وفي الصباح الباكر، كان في انتظاري مشجعو الفريق الثاني.. أشاهد ابتساماتهم تتسع كلما اقتربت منهم، كان ذلك الشجار آخر اشتباك بالأيدي خضته في حياتي لغاية اليوم!
ـ كرة القدم أكثر من فوز وخسارة، كرة القدم أثبتت أنها قضية تجد فيها تحقيق انتصاراتك وتتحمل بها هزائمك، تلك التي تحدث في ملعب كرة وكأنه ملعب حياة.