أعطني حريتي أطلق يديّا
ظاهرة تدوير المدربين عالمية متداولة وطبيعية بين الفرق والمنتخبات بالمنطقة، وتبقى مسألة النجاح/ الفشل محكومة بطقوس وظروف وعقليات واحترافية وزمنية كل فريق؛ ومن المفارقات العجيبة أن هناك من يأتي للوهلة الأولى وينجح وهناك العكس.
ومن وجوه التدوير القريبة خطف المنتخب الإماراتي للمدرب الهولندي فان مارفيك مدرب الأخضر سابقًا، فرغم المحاولات الحثيثة لاستعادته من جديد نفشل وينجحون! لماذا وكيف؟! مارفيك “من يومه” مدرب له طقوس معينة وقناعات لا يحيد عنها، وفرضيات وأسلوب لا يقبل مناقشته، وهذه ضمن عيوبه كمدرب يعمل بطريقة الكنترول البعيد/الريموت ويعتمد على جوقة كبيرة من المساعدين، وهذا أمر مكلف ويبعده عن حساسية التماس مع المنتخب الذي يعمل معه، ومعروف أن “صاحب بالين كذاب”! مارفيك أعاد كرتنا لكأس العالم مجددًا بعد غياب 12 عامًا نسختين متتاليتين 2010 و2014، ومن ضمن شروطه التعجيزية البقاء خارج البلاد وعدم الحضور غير في أوقات معينة بالسنة، من إيجابياته ارتباطه بذاكرة المشجع السعودي كثيرًا لإعادته فرحة التأهل للمونديال بكل الشوارع والأزقة والمدن السعودية والهجر، مدرب استقرار يعمل بثبات على تشكيلة شبه واحدة طلبًا للتجانس/الهارموني/الانسجام، سياسة وجود اللاعبين أنفسهم يضمن درايتهم بنهج المدرب وتشربهم لطريقته، وهو رجل انضباطي، ومن مزايا الاستقرار الفني معه وهو الذي كان أحد حسنات الاتحاد السعودي آنذاك، قطفنا ثماره بالتأهل للمونديال بعد زمن طويل، الاعتماد على تشكيلة ثابتة لا تتغير إلا بأضيق الحدود ووجود قوام رئيسي للتشكيلة يحافظ على عامل الاستقرار بين اللاعبين، ميزة للمنتخبات الكبيرة اللاتينية/الأوروبية، الإمارات ستستفيد من تجربتنا الناجحة “كنتائج” مع مارفيك، والعكس فشلنا باستعادته ولو بصياغة جديدة ترضي الطرفين بوقت نحتاجه فيه، تخلصوا من مدربهم الأرجنتيني “باوزا” بنجاح، وفشلنا نحن بالتعاقد معه بشكل مفاجئ صادم رغم فشله مع عيال زايد وفشله مع منتخب بلاده في التصفيات، ومع ذلك أصر اتحاد القدم على أخطائه وأبقاه رغم إصراره على اللعب الدفاعي العقيم الذي كبل حرية المنتخب السعودي الهجومية، ومن ثم طرده ضمن سلسلة القرارات الغريبة العجيبة والمفاجئة لاتحاد القدم! الإمارات أقالت الإيطالي زاكيروني ونجحوا في التعاقد مع مدربنا السابق؛ فرغم نجاحه معنا وفشله مع أستراليا التي خرجت بقيادته من دور المجموعات بالبطولة الآسيوية بنقطة وحيدة متذيل المجموعة، نجاح مع فشل لا يمكن مقارنتهما ببعض؛ فأستراليا ليست السعودية والعكس، ولكن الإمارات ضمن المنطقة التي عمل بها مارفيك ويعلم من هو الأبيض، نجاحه وارد بشرط تطبيق “أعطني حريتي أطلق يديّا” معه بحذافيرها.