2019-03-23 | 20:55 مقالات

مرسي جميل عزيز

مشاركة الخبر      

الحظ الجيد لنا كمستمعين أن الشاعر الغنائي الكبير مرسي جميل عزيز رحمه الله كان يعيش في وفرة مالية؛ لأنه كان من عائلة مارست التجارة التي ورثها من والده.
هذا الأمر مهم جداً، جعل من هذا الشاعر يكتب للأغنية ما يراه هو مناسباً وليس ما يراه أو يريده المغني.
مشكلة أن يكتب الشاعر ما يريده المغني أنه يفقد حرية شاعريته، ويتم تأطيرها داخل محدودية المغني النجم، هذه الوفره المالية وثقته الكبيرة في نفسه جعلته يمارس كتابته للأغنية بمنظور فني بحت، وليس مصدر دخل يتنازل من أجل بقائه عن الكثير من الأمور.
كما أن شخصية مرسي جميل عزيز كانت قوية للدرجة التي رفض التعامل مع أم كلثوم لمدة عشر سنوات.
مبدأه أنه يستطيع أن يقدم مع الأصوات الجديدة ما يذهل المستمع دون الحاجة إلى صوت كبير يسّوق لكلماته وينجح من خلاله.
أثبت بعد ذلك نجاح رأيه عندما قدم لفايزة أحمد في بداياتها أغنيتها الشهيرة "يمه القمر عالباب"، ومجموعة من أجمل أعمال فايزة.
ثم قدم لعبدالحليم في بداياته من أجمل أعمال عبدالحليم مثل "يا خلي القلب وبتلوموني ليه وفي يوم في شهر في سنة"، حتى وصلت الأغاني التي كتبها مرسي لحليم 35 أغنية.
مرسي الشاعر الفنان قال إنه خصص طريقة كتابة لعبدالحليم، لأن صوته يفرض نمطاً معيناً من الكلمات والمواضيع، وهذا ما رآه مرسي ولم يفرضه حليم، بعد أن أصبح مرسي جميل شاعراً غنائياً كبيراً دون أن تغني له أم كلثوم.
قالت له "كفاية كده.. إنت خلاص بقيت شاعر كبير ومش محتاج صوت تطلع على أكتافه، خلينا نقدم حاجة مع بعض"، وافق مرسي وأسمعها ثلاثة مطالع لثلاثة نصوص غنائية، حتى تختار واحداً منهم، قالت له: عاوزاهم كلهم، وكانت تلك النصوص من أجمل ما قدمته أم كلثوم، سيرة الحب، وفات المعاد، وألف ليلة وليلة.
كتب مرسي جميل عزيز أكثر من ألف أغنية، كان بعضها لمجموعة من الأفلام، منها ما غناه حليم في أفلامه.
آخر الأصوات الكببرة التي غنت لمرسي جميل كان عبدالوهاب في "من غير ليه" التي لحنها لتكون لعبدالحليم الذي لم يسعفه الوقت، فرحل دون غنائها.
عبقرية مرسي جميل عزيز الشعرية وإمكاناته المالية جعلت منه شاعراً حراً، والشاعر دائماً يجب أن يكون حراً كما الخيال.