دراسات
وبيتزا
*أي دراسة أصدِّق، التي تقول إن شرب القهوة مفيد للصحة، أم التي تحذِّر منها؟ هل أصدِّق الدراسة التي تقول إن الشوكولاتة مفيدة، أم التي تحذِّر مما تسبِّبه من مشكلات للأسنان؟
هل الدراسة التي تنصح بتناول اللحوم الحمراء، هي الصحيحة، أم التي تحذِّر منها، وتنصح باللحوم البيضاء؟ هل آخذ بالدراسة التي تنصح بالاستحمام بالماء الدافئ، أم تلك التي توصي بالماء البارد؟ كثرت الدراسات لدرجة أنها صارت تناقض بعضها، وكثرت لدرجة أنها فقدت هيبتها، ففي الماضي كانت كلمة دراسة لها رنَّتها، أما الآن فلم يعد لهذه الكلمة هيبتها التي كانت تحيطها بهالة من الاحترام والتصديق الكامل. أتذكَّر كيف كنت أحصل على الاحترام إذا ما بدأت حديثي بالقول: في دراسة حديثة، أما اليوم فما إن أقول في دراسة حتى تتم مقاطعتي، وتغيير الموضوع الذي أتحدث فيه. زمن الدراسات الجميل انتهى. قد يكون لوسائل التواصل يدٌ في ذلك، فكل صاحب حساب يستطيع أن يؤلف دراسته حسب أهوائه ومصالحه، وبعضهم يبدأها: “في دراسة بريطانية”، محاولًا أن يكسب المصداقية، كون دراسته بريطانية من بلاد جامعة أوكسفورد. لن أطيل في أمر فقدان الدراسات لهيبتها، لكن عندي دراسة جديدة، وأظنها مفيدة، وهذه المرة من ألمانيا. تقول الدراسة: إن الفترة التي تستغرق لتشكيل الانطباع الأول عن الآخرين الذين نقابلهم للمرة الأولى لا تتجاوز مدتها سبع ثوانٍ، ويشكِّل مستوى الملابس التي يرتدونها دورًا مهمًّا في تشكيل الانطباع عنهم، كما أن طريقة تحدثهم تلعب دورًا أيضًا في تشكيل هذا الانطباع، أي أن الملابس الأنيقة، والحديث بشكل مهذب، لهما دور مهمٌّ في حياة الإنسان. هذه الدراسة تؤكد أن الحل دائمًا كان وما زال في الجمال.
*الإنسان ميَّال لنفسه، وهذا من أطباع البشر، وأعتقد أن أكثر الناس نجاحًا في تعاملهم مع الآخرين، هم الذين يضعون أنفسهم في مكان هؤلاء قبل أن يتصرفوا معهم، ولا يرضون لغيرهم ما لا يرضونه لأنفسهم. أصف هؤلاء بالحكماء، لكن العالم لا يعيش فيه الحكماء فقط، بل كل أصناف البشر، بمَن فيهم مَن قيل عنهم المثل “شين وقوي عين”. خبر من السويد، ففي أحد السجون اختطف المسجونون اثنين من حراس السجن، وطالبوا بفدية عبارة عن 20 فطيرة بيتزا مضاف إليها شرائح من الكباب، قائلين إن طلبهم هذا حقٌّ من حقوقهم، وأن أفعالهم التي أدخلتهم السجن لا تعني حرمانهم من تذوق ما تشتهي النفس. تم تنفيذ طلبهم، وتناولوا فديتهم بشراهة، ثم تم إلقاء القبض عليهم. كيف يقول الخبر تم إلقاء القبض عليهم، وهم مقبوض عليهم وفي السجن؟ إذًا عليهم أن يضعوا هؤلاء المجرمين في السجن داخل السجن!