المال
ليس كل شيء
الرياضة ـ بمفهومها الحديث ـ أصبحت أحد شواهد رُقي الأمم، وتقدّم الشعوب، وأضحت لاعبًا رئيسًا في اقتصادات الدول، وباتت ركيزة أساسية في النهضة المستقبلية.
والواقع إن الرياضة شهدت ـ في السنوات الأخيرة ـ تطورًا كبيرًا، حيث تحولت إلى صناعة مربحة اقتصاديًّا تكرّس لإنتاج الحدث الرياضي المتكامل والشامل، ما أوجد ما نعرفه اليوم بالمشهد الرياضي التكاملي، الذي يسترعي اهتمام الرياضيين بمختلف شرائحهم، بل وكافة العاملين في محيط هذه الصناعة المتنامية من شركات، وكيانات أعمال وإدارة، فضلًا عن جمهور مستهلك كبير يتابع بشغف الأحداث الرياضية.
وفي هذا السياق يقول Mendoza في رسالة الدكتوراه التي حصل عليها من جامعة برشلونة: إن صناعة الرياضة في هذه الأيام باتت مؤثرًا مهمًّا في اقتصادات الدول، مشيرًا إلى أن حجم صناعة الرياضة في أوروبا يقدر بنحو (3.7 %) من إجمالي الناتج المحلي (GDP)، كما أنها توفر نسبة (5.8 %) من إجمالي عدد الوظائف، في حين أن المنتجات الرياضية باتت تستحوذ على (3.8 %) من مشتريات المستهلكين، كما أن صناعة الرياضة أضحت تمثل نحو (4 %) من القيمة المضافة.
كل ما ذكر حقائق تؤكدها الأرقام، ولكن يبقى السؤال المهم مطروحًا: هل المال كل شيء في عالم الرياضة؟ بالتأكيد لا، فالرياضة قبل ذلك تتعلق بالاندماج والشعور بالانتماء وروح التعاون، هي منتدى لتعلم مهارات الانضباط والتسامح والثقة، وهي قبل كل ذلك ترتكز على الأخلاق الحميدة ونبذ الطبقية والتمييز.
ووفق ما تؤكده التجارب. ففي إنجلترا على سبيل المثال نادي مانشستر يونايتد أكثر الأندية إنفاقًا في آخر سنتين حيث بلغت قيمة تعاقداته (312.1) مليون يورو وهو يحتل المركز الخامس في سلم ترتيب الدوري الإنجليزي، ولدينا فإن الهلال يأتي في المقدمة من حيث القيمة السوقية للاعبيه بمبلغ (55.04) مليون يورو يعقبه النصر بمبلغ (51.98) مليون يورو بحسب موقع (Transfermarkt) بينما يحتل صدارة دوري كأس الأمير محمد بن سلمان ضمك والذي تبلغ قيمة لاعبيه السوقية (7.31) مليون يورو فقط، بحسب نفس المصدر.
ولربما يتنازل اليوم ضمك عن صدارته إثر مواجهة الهلال، ولكن من خلال ما أنجزه هذا النادي المتواضع في إمكانياته المادية وقدراته المالية، حتى الآن أثبت بأن رأس المال الحقيقي هو رأس المال الفكري، فهو الذي يصنع الفارق وهو الذي تحتاجه أنديتنا أكثر من المادة كونه يحفز الابتكار والإبداع ويحقق الميزة التنافسية ويعزز القيمة المضافة وصولًا إلى التنمية المستدامة.