الرّواية ليست حكاية ولا تاريخ!
-في الفن؛ كلّ ما لا يمكن حدوثه، يُمكن حدوثه!. يكفي تخيّله ليحدث!. كلّ لون هو مُنتَج وهو مُنتِج لما لا نهاية له من تدرّجاته، وبالتّالي لكل الألوان الأخرى!. الأسماك تطير، والطيور تقرأ الكُتُب.
السلحفاة تسبق الأرنب، والأشجار تتسوّق وتسافر ويغازل بعضها بعضًا!.
-الفن أوسع من الواقع وأكبر من الحقيقة بكثير جدًّا!.
-في الفن، ليست الأهميّة، ولا القضيّة، فيما إذا كان ذلك حدث، أو يحدث، ولكن الأهميّة، والقضيّة، في الكيفيّة المبدعة، التي يقع عليها الفنان بعبقريّته، ليجعلنا نُصدّق حدوث كل ذلك، أو إمكانيّة حدوثه!.
-في فنّ الرواية، مثلًا؛ وتحديدًا: لا أهميّة كبيرة للأحداث!. وفي هذا تَفرُق الرّواية عن الحكاية!.
-يصعب على من قرأ عددًا كبيرًا من الرّوايات تذكّر أحداث كثير ممّا قرأ!. الأحداث تُنسى وربّما تتداخل فيُضِيع بعضها بعضًا!. والأسماء تمحى من الذّاكرة أو تكاد. لا يهمّ!، وفي هذه “اللا أهميّة” لتذكّر الأحداث، أو لنسيان الكثير الكثير منها، يكمن الفرق بين الرّواية من ناحية وبين التّاريخ من ناحية أُخرى!.
-الرّواية ليست حكاية ولا تاريخًا!. أو إنّه ليس في أيّ منهما تكمن أهميّتها!.
أين تكمن أهميّة الرّواية إذن؟!. ظنّي: تكمن فيما قاله عشيق “ماريّا” لها، في رواية “غراميّات” لـ”خابيير مارياس”: “..، إنها رواية، وما يحدث فيها لا أهميّة لهُ ويُنسى فور الانتهاء منها!. المهم هي الاحتمالات والأفكار التي تُلقّحنا وتأتي من خلال حالاتها المُتَخَيَّلَة، وتظلّ في ذاكرتنا بصفاء أكبر من الحوادث الواقعيّة ونأخذها في الاعتبار أكثر”!.
-تكمن أهميّة الرّواية في المشاعر والأحاسيس التي تزوّدنا بها، وفي بعض الأفكار التي تُسكنها فينا، الأفكار وليست المعلومات، فهذه الأخيرة قليلة شأن أيضًا مثلها مثل الأحداث!.
-المشاعر والأحاسيس، والأفكار أو قليل منها، هو ما يبقى فينا بعد قراءة الرّوايات، ولا أتحدث هنا إلا عن الروايات الجيّدة، تلك التي ننشغل بها حقًّا، وتنشغل بنا عُمْقًا، أثناء القراءة!. وهذا الذي يبقى فينا، يُغيّرنا!.