(ساديو
الإنسان)
“لست في حاجة إلى السيارات الفارهة أو المنازل الفاخرة أو حتى الطائرات، أفضل أن يحصل أهلي على جزء مما أعطتني إياه الحياة”.
لكم أن تتصوروا بأن الكلمات العميقة أعلاه لم يقلها ثريّ ولد وفي فمه ملاعق من ذهب، فاستهوته نفسه من باب التغيير للصرف على الفقراء.
هذه الكلمات لطفل فقير من قرية صغيرة في السنغال، اضطر والده ـ إمام مسجد القرية ـ أن يتركه عند أخيه ليصرف عليه، فهو لا يستطيع ذلك، بل وباع هو وشقيقه محصول العام من مزرعته ليتمكن الطفل ذو الثلاث سنوات من الالتحاق بمدرسة كروية في العاصمة (داكار)، ومنها انطلق (ساديو ماني) لعالم النجومية.
وحين اعتلى قمة النجومية وأغدقت عليه الأموال من كل حدب وصوب لم تصبه (صدمة حضارية)، ويسعى للبذخ مثل كثير من اللاعبين، وكأنهم يعاقبون الجميع على فقرهم السابق فيستعرضون بملابسهم وسياراتهم وقصورهم ويخوتهم وجزرهم، بل توّجه فورًا لقريته الصغيرة (بامبالي)، ولعب فيها مباراة استعراضية في ذات الملعب الترابي الذي كان يلعب فيه عندما كان طفلًا، وأحضر معه نجومًا كبارًا للمشاركة.
هذه المباراة لم تكن استعراضية بل هي من باب (تذكيره) أنه بدأ من هنا، فهو قبلها قد أنشأ مستشفى للقرية ومدرسة للأولاد والبنات.
مثل هذا الرقي والإنسانية لا يأتي إلا من نفس صافية نقية تجردت من الزهو والغرور، وهو الذي ظهرت له صورة حينما كان يربط حذاء طفل صغير وقد وصفته صحيفة (الصن) البريطانية بأنه اللاعب الأكثر تواضعًا بالعالم، بعدما ظهر مقطع فيديو له وهو يساعد عامل منتخب بلاده في حمل زجاجات الماء من الحافلة إلى غرفة اللاعبين قبل إحدى المباريات المهمة.
لكن المقطع الذي أحدث هزة كبيرة على مستوى العالم ذاك الذي ظهر فيه وهو يغسل حمامات أحد المساجد في مدينة ليفربول الإنجليزية، وقد تساءلت وسائل الإعلام العالمية عن السر وراء قيام رجل يتقاضى مبالغ طائلة بهذا الفعل.
صورة مع التحية لكل اللاعبين (هكذا النجومية وإلا فلا).
الهاء الرابعة
تواضع تكن كالنجم لاح لناظرٍ
على صفحات الماء وهو رفيع
ولا تكُ كالدخان يعلو بنفسه
إلى طبقات الجو وهو وضيع.