2022-07-23 | 23:13 مقالات

التغيير المؤلم

مشاركة الخبر      

خلال إحدى المهام القيادية التي تحملت مسؤوليتها في الماضي، واجهت حربًا شعواء من عدد كبير من زملاء العمل “المخضرمين”، التابعين للمنظومة ذاتها أو القريبين منها، بالرغم من أن علاقتي الشخصية بأغلبهم كانت جيدة!
وكنت أستغرب أن يصدر من هؤلاء الذين تربطني بهم علاقة جيدة خارج مقر العمل، تعقيدات متعمدة لتعطيل أي قرارات تطويرية في منظومة العمل، حيث كان هناك تعطيل متعمد للكثير من هذه القرارات التي كنت وفريق عملي نعمل عليها بكل حماس، ولا سيما أن كل الملفات التي كنّا نعمل عليها، كانت تتأثر وبشدة بعامل مرور الوقت، وبالتالي، كنّا تحت ضغط كبير جدًا خلال تلك المهمة، نجاهد للوصول للأهداف المرسومة، خصوصًا أن أغلب هؤلاء كانوا من قدامى المسؤولين الذين اقتربوا بشكل كبير من سن التقاعد، بل وتعدّوه قليلًا.
في تلك الأيام، كنت أقرأ مصادفةً كتاب معالي د. غازي القصيبي (رحمه الله)، “حياة في الإدارة”، وكانت هي المرة الثانية التي أقرأ فيها هذا الكتاب الممتع، إذ قرأته في المرة الأولى فضولًا وحُبًّا لفكر كاتبه، وقرأته مرة أخرى كمرجع لبعض القرارات الإدارية. وتوقفت كثيرًا عند بعض الفقرات التي ذكر فيها ما معناه أن موضوع “مقاومة التغيير” الذي يواجهه المسؤول الجديد في أي منظومة عمل من “حرسها القديم”، ليس موجهًا لشخصه هو، بل غالبًا لا يوجد فيه أي بُعد شخصي، بقدر ما هو مقاومة غريزيّة للتغيير، وهي غريزة موجودة فينا جميعًا، وبالتالي، فتراهم لا يؤمنون إطلاقًا بأي خطوات من شأنها تطوير العمل وتسريع وتيرته. وبالتالي فإن إحدى فوائد التقاعد، هي إبعاد ذوي الفكر الإداري القديم والمتحجر المتزمّت، الذين سيتمسكون بفكرهم بكل قوة وضراوة، وسيضعون (بشعور أو بلا شعور) كل العقبات التي يمتلكونها في طريق هذا التغيير. وجزء من التغيير بطبيعة الحال، هو تغيير مواقعهم أو صلاحياتهم، أو حتى طريق عملهم وعمل القطاعات التي تتعامل معهم. وهنا، فإن الكوادر القيادية الجديدة، التي تصل بطريقة طبيعية لهذه المنظومات، كثيرًا ما يكون مصيرها الفشل والخروج من المنظومة، أو الفشل والبقاء فيها مع الخنوع لفكر هذا “الحرس القديم” الذي سيرحب بوجوده بينهم طالما “ركد” وسمع الكلام.
وبالرغم من أننا نعيش حقبة تاريخية جديدة، من شأنها أن تقلل أو حتى تمحي هذه الظاهرة، إلا أن بعض الإخوة المتقاعدين ما زالوا ينادون بإعادة عمل السبعينيات والثمانينيات الميلادية للأندية الرياضية، ويلمحون إلى أن جيلهم فقط هو الذي يجب أن يدير الأندية، وإلى الأبد.