محمد الخليوي..
مدرسة (الأستاذ) أغلقت أبوابها
وسط حصة الجغرافيا. بمدرسة حراء المتوسطة بحي النزلة اليمانية. مازحه المعلم مزاحًا، ربما لم يرق للطالب الجالس خلفي في الصف. ضحكنا كطلاب مما قاله مدرس الجغرافيا. أما هو. فدمعت عيناه عندما التفت إليه، كانت عيناه تدمع تأثرًا بما سمعه. شعر أن ما سمعه من ممازحة وضحكات تنمر على لون بشرته. استدرك المعلم الموقف وسعى لاستلطاف ورضا الفتى الأسمراني المهذب في صفه.
داخل الملعب الإسفلتي بالمدرسة. أو في الملاعب الترابية المنتشرة في حارته (خرج منها العديد من اللاعبين في مختلف الألعاب) كان يرسم بقدميه وساقيه الطويلتين وجسمه العريض الفارع فارقًا عن أقرانه. مما قاده إلى شارع الصحافة ضمن ناشئي فريق الاتحاد تحت 16 سنة.
سرعان ما توسعت خطواته الكروية. ما كاد يتخطى سن الـ (18) عامًا حتى تم ضمه من فريق درجة الشباب إلى الفريق الأول (1989م). وهناك تفجرت إمكاناته وفُتحت أبواب مستقبله الكروي.
ولأن مركزه (قلب دفاع) استندت قدراته كلاعب شاب على (السد العالي) أحمد جميل. المدرسة الدفاعية الجديدة في الساحة الكروية السعودية، التي تتميز بالقيادة والصلابة والقوة. كان اللاعب الشاب سعيدًا أنه أحد تلامذتها. وخريجيها تاليًا. بل صنع لنفس مدرسته الدفاعية التي تمتاز بالهدوء والصلابة. حتى اشتهر بلقب (الأستاذ).
لم يأخذ التلميذ/ الأستاذ وقتًا طويلًا في البروز. إذ سرعان ما شكّل ثنائيًّا تاريخيًّا مع العملاق أحمد جميل. وشارك في تحقيق أول بطولة مع فريقه. بعد فوزهم بكأس ولي العهد (1991) على حساب فريق النصر. ركلات الترجيح حسمت النزال الكبير. وتوالت الألقاب حتى تجاوزت الـ (10) بين دوريات وكؤوس محلية وكأس خليجي وكأس آسيوي.
حتى عندما فُتح له الباب العالي. ليلعب مجددًا بجوار السد العالي في المنتخب السعودي الأول. بعد أول لقب حققه مع فريقه. شكّل معه ومع لاعب (الأهلي والهلال) عبد الله سليمان، مثلثًا حاد الأطراف. ومنذ صعوده القطار الدولي. لم يتوقف في اندفاع حصده للألقاب والمنجزات. بداية من التأهل واللعب في مونديالي 1994 و1998م بأمريكا وفرنسا. وحرمته الإصابة من اللعب في مونديال 2002 بكوريا واليابان. رغم مساهمته في التأهل له.
ولا ينسى مساهمته في منجزات المنتخب الأخرى، مثل تحقيق بطولة الخليج الثانية عشرة في العاصمة أبو ظبي. لأول مرة. والعودة لأبو ظبي عام (1996م) لحمل كأس أمم آسيا للمرة الثالثة. وختمها في دوحة قطر، بتحقيق كأس العرب لأول مرة أيضًا عام (1998م).
عام (2003م) قرار أثار الاتحاديين بانتقاله للغريم التقليدي النادي الأهلي. لكن التجربة كانت محدودة النجاح. ليلعب بعد عامين (2005م) مع نادي أحد بالمدينة المنورة ثم اعتزل كرة القدم.
مساء يوم (12 يونيو 2013) شعر بألم في صدره أثناء تواجده في إحدى الأكاديميات الكروية الخاصة. كان يعمل مدربًا للقطاعات السنية مع عدد من زملائه اللاعبين السابقين.
غادر حينها فورًا إلى أحد المستشفيات الخاصة القريبة من منزله لإجراء الفحوصات والتحاليل. ظهرت النتائج الأولية: أنت بخير. راجعنا بكرة ليراك طبيب مختص.
لكن (الأستاذ) لم تطلع عليه شمس الغد. لقد عاد به بعض أصدقائه سريعًا إلى ذات المستشفى. استجد الألم بشكل أقوى. لكنه ما كاد يصل إلا وقد لفظ أنفاسه الأخيرة. تعرض لأزمة قلبية مفاجئة ومات.
الأستاذ محمد صالح الخليوي. رحل. وأغلقت مدرسته أبوابها للأبد.
أعلنت إدارة نادي الاتحاد وإدارة النادي الأهلي حينها، عن إقامة مباراة خيرية بين الفريقين تعود ريعها لعائلة الفقيد. لكنهما للأسف لم يفيا بوعدهما إلى اليوم!!؟