رئيس لجنة الحكام يروي خبايا الاجتماعات.. ويؤكد تطور الصافرة السعودية نافارو:
لا تتدخّلوا في عملنا
بخبرته الطويلة حكمًا، ونائبًا لمدير دائرة الحكام، ومدير التطوير وتقنية الـ “VAR” في الاتحاد الدولي لكرة القدم “فيفا”، شرع السويسري مانويل نافارو، رئيس لجنة الحكام الرئيسة في الاتحاد السعودي، في وضع اللبنات والقواعد الأساسية لإعادة الثقة للحكم السعودي، وإعداده للمحافل الدولية. “الرياضية” حاورت نافارو حول أعمال اللجنة وتفاهماتها مع الأندية والمدربين واللاعبين، وأسلوب الشفافية المتبع معهم في بحث الحالات التحكيمية الجدلية، ولجوء اللجنة إلى شرحها عبر “يوتيوب” والمواد التعليمية التي تُعدها لتكون الصورة أقرب إلى المشاهد العادي، كما تناول الحوار مدى تطور الحكام وتجهيزهم لمونديال 2026، وكيفية محاسبة الأجانب منهم على أخطائهم.
01
ماذا تناقشون مع الحكام في اجتماعات لجنتكم، وما الهدف منها؟
الهدف من تلك الاجتماعات جمع الحكام بعد مرور ثلاث أو أربع جولات من الدوري لمناقشتهم في أهم الحالات الجدلية التي وقعت، وإعادة النظر فيها، وتحليلها، وماذا يمكن أن نفعل ليكونوا أفضل خلال الجولات اللاحقة. فلسفتنا تتركز في الشفافية المطلقة، والنقاش حول كل الأحداث التحكيمية، من وجهة نظر كرة القدم تارة، ومن وجهة نظر الحكام أنفسهم تارة أخرى.
02
هذا ما يخصُّ الحكام، ماذا بشأن حضور أطراف أخرى تلك الاجتماعات؟
للمرة الأولى ندعو الأندية والمدربين واللاعبين لحضور مثل تلك المناقشات، ليشاهدوا بأنفسهم ماذا نفعل. هذه فلسفتنا كما قلت، وترتكز على الشفافية والوضوح من أجل توحيد أسرة كرة القدم، وتفاعل الأطراف مع منظومة التحكيم من خلال بحث الحالات التحكيمية.
03
اتخذتم خطوةً مهمةً بعرض الحالات التحكيمية الجدلية للجمهور عبر حساب الاتحاد السعودي، كيف تتعاملون أنتم في اللجنة مع تلك الحالات؟
نحن بشر، والبشر يخطئون، لكن مع ذلك يجب أن نحلّل أخطاءنا. بالطبع ليست كل الأخطاء متشابهة، لذا نجمع الحكام، ونحلّل مستوى أدائهم في كل جولة، ونناقش معهم ما قد تبدو أخطاءً في بعض القرارات بالنسبة للمدربين، وهي ليست كذلك.
04
هل هناك أمثلةٌ حيةٌ على مثل تلك المناقشات التي أدرتموها مع المدربين في هذا الشأن؟
على سبيل المثال، تحدَّثنا مع مدربي فريقي الاتفاق والخليج، وتباحثنا في القرارات التي كانت مثار اعتراضاتهما، وتفهَّما ما ظنَّاه أخطاءً تحكيمية. هذا جوهر ما نفعله تحديدًا، وهذه هي المقاربة الصحيحة للتعامل مع الأخطاء.
05
هل تعتقد أن هذا التوضيح للجماهير من قِبل اللجنة خطوةٌ جيدة؟
هي ليست مناقشةً مفتوحةً مع الجماهير، لكن لدينا فلسفةٌ في اللجنة لتوضيح الأمور، تتركز على الشفافية. قل لي: ماذا كنا نفعل قبل ذلك؟ لا شيء. أنتم لا تعلمون ماذا يفعل الحكام، وما يدور في أروقتهم، وكأنهم قابعون داخل “كهف”، لكن الآن الأمور تغيَّرت، وأصبحت أكثر وضوحًا.
06
ما الذي تغيَّر وصار أكثر وضوحًا، اشرح لنا أكثر؟
تعالوا وشاهدوا الآن ماذا يحدث. نحن شفَّافون للغاية، إذا كانت هناك أخطاءٌ، فسنعترف بها، وإذا كانت هناك قراراتٌ صائبة، فسنشير إليها، لأن الجميع يجب أن يفهم أن الحكام جزءٌ من المنظومة، وليسوا آلات، بل بشرًا، يصيبون ويخطئون، ويحاولون تفادي الأخطاء قدر المستطاع بمساعدة تقنية حكم الفيديو المساعد “var”، لذا من المهم أن يدرك الناس خلفية قراراتهم، وهذا ما يجعلنا ندعو المدربين، ونذهب إلى الأندية، ونطلق قناةً على “يوتيوب”، وننتج مواد تعليمية وتثقيفية عن التحكيم، وكيف يعمل الحكام، وكيف تكون الحالات التحكيمية.
07
من خلال عملك في اللجنة، كيف ترى التغيير في انطباعات الجماهير والأندية عن مستوى التحكيم السعودي؟
عندما أتيت إلى هنا، لم تكن هناك هيكليةٌ واضحةٌ، وكان علينا أن نبنيها لمنح الثقة لحكامنا، ونحن الآن نمضي في طريق جيدة للغاية، ونرى الأندية تأتي إلينا للمناقشة والتفكير، ومعرفة ماذا نفعل مع حكامنا كل يوم. أيضًا الحكام يشعرون بالسعادة والثقة في أنفسهم، ونحن من جانبنا نعمل على أن نعيدهم إلى القمة.
08
على الرغم التطور في مستوى الحكم السعودي، إلا أن بعض الأندية ما زالت تطالب بالأجانب، هل أنت راضٍ عن هذا الأمر؟
في الوقت الراهن لدينا مطالباتٌ أقل بحكام أجانب مقارنةً مع الموسم الماضي، وهذه علامة جيدة، ودليلٌ على تطور حكامنا. النقطة التي أحبُّ أن أؤكدها للجميع، هي أن الحكم السعودي أصبح مؤهلًا تمامًا لإدارة المباريات بكفاءة واقتدار، أسوةً بنظيره الأجنبي، فقط علينا أن نريهم ذلك، وهذا ما نفعله، وهذا ما يمنحهم الثقة. بالطبع أنا لا أطلب من الأندية عدم الاستعانة بصافرة أجنبية، فهذا من حقها، لكن من واجبنا أن نري تلك الأندية نتائج عملنا، ومع النتائج ستعود الصافرة السعودية بقوة إلى الملاعب.
09
كيف ترى تطور ثقة الحكم السعودي في نفسه من ناحية حضوره داخل الملعب ومواجهته الجماهير، خاصةً الأندية الكبرى؟
ترتفع يومًا بعد آخر. نحن نفعل الكثير من أجل تعميق مستوى هذه الثقة، وقدرتهم على إدارة المباريات، وكيفية تعاملهم مع اللاعبين، فهذه نقاط مهمة للتطور، لكن بالطبع لن يتغيَّر كل شيء بين ليلة وضحاها، فالأمور تسير خطوة بخطوة، ونحن نرى تطورًا ملحوظًا وتقدمًا مستمرين.
10
ما المطلوب من الأندية والجماهير من أجل تطوير مستوى التحكيم السعودي، ومشاهدة أجواء صحية في الملاعب؟
الدوري السعودي الآن أصبح من أقوى الدوريات في آسيا، فلديه لاعبون كبارٌ، وأجواء مثالية، لذا يجب أن نكون في المستوى نفسه. شاهدوا مقاطع الفيديو في “يوتيوب” والمواد التعليمية التي نعرضها، وحاولوا أن تفهموا لماذا اتخذ الحكام هذا القرار، أو ذاك، عندئذ ستفهمون كرة القدم من وجهة نظرهم.
11
هناك أندية تشتكي من تعيين حكام لمبارياتها بحجة أنهم غير جيدين مقارنة بحكام آخرين، مَن يختارهم؟
لنكن واضحين بشكل لا لبس فيه. ليس هناك أي نادٍ سعودي له علاقة باختيار الحكام للمباريات، فهذه مسؤولية اللجنة، ومثلما لا نتدخَّل في اختيارات المنتخب، أو الأندية حول مَن يلعب، أو لا يلعب، لا أحد يتدخَّل في مسائلنا الداخلية. هكذا تجري الأمور.
12
توجد لائحة جزاءات واضحة، تتعامل مع أخطاء الحكم السعودي، ماذا بشأن الأجنبي، كيف تتعاملون مع أخطائه؟
لا توجد لوائح خاصة بالحكام الأجانب، لكن ما أفعله أنني أتحدث إليهم مباشرةً بعد المباراة، أو عبر مكالمة فيديو، أو هاتفيًّا عندما يعودون إلى بلادهم، وأحلّل معهم بعض القرارات التي اتخذوها في المباريات. بالطبع أبلغ اتحاداتهم حول أدائهم في المباريات، وبالطبع لا سلطة لدينا لمعاقبتهم هناك، لكن إذا كانت أخطاؤهم كارثية، فلا ندعوهم مرة أخرى، وهذا أمر طبيعي.
13
بالنسبة للأندية التي تصدر بيانات عن التحكيم، هل يؤثر ذلك في عملكم، وما دور مواقع التواصل الاجتماعي في هذا العمل؟
أولًا ليست لدي حسابات في مواقع التواصل الاجتماعي، لأنني أريد أن أشاهد، وأحلّل، وأحكّم من خلال رؤيتي الخاصة. أما عن مدى تأثير تلك البيانات، فبالطبع الحكام واقعون بحكم عملهم تحت ضغط مستمر، مثلهم مثل اللاعبين والمدربين ورؤساء الأندية، كلنا نرزح تحت وطأة تلك الضغوط، وهذا أمرٌ طبيعي في عالم المستديرة، لكن علينا أن نتعايش معها. هل تتخيَّل مثلًا مدى الضغط الواقع على لاعب ما، يريد تسديد ركلة جزاء في كأس العالم. الحكم مثله تمامًا عندما يتخذ قرارًا بمنح تلك الركلة. والتعامل مع هذه الضغوط يتطور تدريجيًّا من مرحلة الشباب وصولًا إلى المستوى الاحترافي. الجميع يجب أن يتكيف مع هذه الضغوط.
14
بصراحة، هل أنت راضٍ عن مستوى الحكم السعودي؟
ليس تمامًا، لكن سأكون سعيدًا للغاية عندما أشاهد حكامنا في كأس العالم. من جهة أخرى أنا سعيد بمدى التطور الحاصل لديهم، وسأكون راضيًا بنسبة 100 في المئة عندما يشاركون في إدارة مباريات مونديال 2026.
15
ماذا يجب توفيره حتى نشاهد حكامنا يديرون مباريات نهائية في السعودية أو في المونديال؟
حكامنا يحتاجون إلى نوعيات من البرامج التدريبية، والمباريات والخبرات والنتائج، ومنحهم الثقة، وإعدادهم جيدًا بدنيًّا وذهنيًّا، والاهتمام بالتغذية، كل هذه العوامل عبارة عن حزمة واحدة، ويتطور بعدها الحكام ليكونوا مؤهلين لمسابقات الاتحاد الآسيوي، ثم الخطوة الكبرى وهي كأس العالم.
16
ماذا عن الدعم الذي يتلقاه الحكم السعودي ليكون في القمة؟
من المهم أن أشير هنا إلى أن الحكم السعودي يجد كل الدعم من وزير الرياضة، والاتحاد السعودي، ولجنة التحكيم، الذين يقدمون لهم كل الدعم من كافة الجوانب، وهذا أمر إيجابي، لكن في المقابل يجب أن تكون هناك نتائج أكثر، وأن تتوّج بظهورهم في المونديال، ونحن نعمل على ذلك الهدف.
17
تابعتك وأنت تشرح للحكام كيفية التعامل مع اللاعبين، هل ترى أن لكل لاعب طريقة معينة أم أن الأمر يختلف من لاعب لآخر؟
قبل عشرة أعوام، أو 15 عامًا، كان الحكم يتعامل مع المباراة على أنها بين فريقين “أ” و”ب”، ولم يكن إعداده لها جيدًا، لكن الوضع اختلف الآن وعلى الحكم أن يفهم ما نوعية الفرق التي سيحكّم لها. الدقائق العشرين الأولى له مهمة للغاية، ليتعرَّف على مَن يريد أن يلعب، ومَن يريد أن يقاتل. يجب أن يشعر الحكم بكرة القدم، ويفهم نوعية المباريات التي يديرها، وما يدور بين اللاعبين، وكيفية التعامل معهم ومع المدربين والتموضع الجيد، وهذا ما يفعله الحكام الكبار. دائمًا ما أقول عندما تحفظ القوانين مثل المحامي فهذا أمر جيد، لكن لن تكون أبدًا في القمة.
18
هل هناك أندية طلبت عدم إسناد مبارياتها لحكام معينين سواءً محليين أو أجانب؟
كلا لم يحدث ذلك. أحيانًا تجري بعض المناقشات، لكن لا تصل إلى مرحلة المطالبة بهذا الأمر. إنهم ليسوا أغبياء. نحن أسرة واحدة وعلى قارب واحد، والأندية تدرك أن الحكام يرتكبون أخطاء، كذلك الحال مع اللاعبين والمدربين فهذه هي كرة القدم.
19
هل تتعاملون مع كل الأندية على حدٍّ سواء؟
بالطبع كل الأندية لدينا
سواسية. كان لدينا اجتماع أغسطس الماضي بواسطة تطبيق “زووم”، لأنني كنت حينها في صربيا، وحضره كل رؤساء الأندية. الهدف أننا نريد أن نكون منفتحين على الجميع، أذهب إلى أي نادٍ، حتى في دوري الأولى والثانية والثالثة، إذا ما دعونا لمناقشة بعض الأمور، وأحيانًأ يأتون إلينا. هذا ما يجب أن يحدث، لأننا نريد أن يكون هناك تواصل بين الجميع.