إنهم لا يفهمون
أسوأ كلمة أسمعها في الإعلام الرياضي هي كلمة “مهنية”.. وهي كلمة تلوكها ألسنة وجوه لم تعمل في الصحافة أو الإعلام إلا من خلال مساحات كتابية بواسطة ميولهم أو أصدقائهم، أو هي مرحلة كانت فيها المهنية نفسها تتمتع بإجازة قصيرة.
الإعلام بمجمله مدارس متعددة ومتشعبة، ومتنوعة وكثيرة، والذي يريد فقط ادعاء المفهومية في كل هذه المسالك سيجد في الكلمة إياها جسرًا سريعًا ينقله إلى الضفة الأخرى التي تجعل من الناس تتوهم أن صاحبنا يفهم أكثر من غيره.
واحدة من أهم تعقيدات المشهد الإعلامي الرياضي، يتمثل في تصدر مثل هذه الأسماء المشهد بينما الزمن يفترض أن يكون قد تجاوزهم، وتركهم في غيهم يعمهون.. لا يستوعبون، ولا يفهمون ولا يدركون وإنما فقط يثرثرون وكأنهم يملكون الحقيقة وحدهم.. سمعت قبل أيام أحدهم ينتقد كلامًا قاله شخص آخر في مكان آخر وفي قضية لم تكن من محاور الحلقة الخاصة بحضوره إليها.. هو كلام الذي في فمه ماء لتصفية حسابات بغيضة لا أكثر ولا أقل.. هو محاولة فاشلة لإثبات ما لا يمكن إثباته بالغوغاء والضجيج والكلمات المعلبة والعناوين الفارغة وإذا تورط قال مهنية!.
يا لهذه المهنية التي لم تجد أحدًا يدافع عنها.. إنها تصرخ وتبكي دمعًا ودمًا، وتنتظر الخلاص حتى تستنشق هواء نقيًا ينتشلها من هذا الخواء وهذه الأجواء.. المهنية كلمة ذات أبعاد عملية عميقة ويمكن إنقاذها من كل هذا التشويه بطريقتين لا ثالث لهما.. أولاهما التعاطي معها بحسب الحالة والمناسبة والحدث.. وهذا طبعًا يحتاج إلى جهود مضنية يصعب تحقيقها.. والطريقة الثانية هي اشتراط على الذين لم يعملوا في الصحافة ويظهروا في القنوات لأسباب عدة عدم التفوه بهذه الكلمة أبدًا أبدًا.
أيتها المهنية البريئة، سامحيهم.. سامحيهم لأنهم لا يملكون أدوات سوى الاستعانة باسمك فهم مغلوبين على أمرهم.. يفرغون أحقادهم الرخيصة بواسطة كلمة رفيعة غالية.. سامحيهم!.