بعد السوبر تبدأ الحكاية من جديد
أكتب هذا المقال قبل مواجهة السوبر الهلالي النصراوي، ولا أرى أن شيئًا يمكن أن يتغيَّر في ردة الفعل من الطرفين وفي كلا الحالين. وعلى الرغم من الملل الذي أصاب الكثيرين جراء كثرة مواجهات الأصفر والأزرق «ست مواجهات» الموسم المنصرم، إلا أن «إعادة» سماع الأقوال نفسها، وقراءة العبارات ذاتها، هي ذاتها لن تتغيَّر.
صحيح أن هذا حال «الكرة»، وفي كل بلدان العالم، لكنه أيضًا لا يمنع من أن نعبِّر نحن عن «مللنا»، إذا لم يكن من كثرة مواجهات الديربي في الموسم الواحد، فعلى الأقل من محاولة فرض أجوائه، وارتدادات وقائعه بشكلٍ «مبتذل»! وإذا أزحنا إعلاميًّا، جانبًا، «الخبر» لضرورته، فإن ما تتم محاولة بنائه حوله لجعل الديربي كل مرةٍ مهمًّا ومصيريًّا، ويخطف الأنظار، ويصيب بالفرح الجنوني، والحزن القاتل، أصبح «سمجًا»، ويحتاج إلى إعادة تقييمٍ ومعالجةٍ، ليبدو طبيعيًّا ومقبولًا.
المواجهات الهلالية النصراوية الست الموسم الماضي، كسب منها النصر واحدةً، وليس المطلوب ألَّا نهتم بها بعد ذلك، ولا أن نزيح النصر من منافسته للهلال، لكن ذلك يتطلَّب زاويةً جديدةً، ننظر من خلالها لمثل هذه المباريات مع بدء موسمٍ جديدٍ، يحرض فيه النصر على أن يرد الصاع صاعين، والهلال ألَّا يقبل ويؤكد سطوته، لا أن نتحدث قبل كل مواجهةٍ، وكأن قواعد المواجهات لا يطرأ عليها أي تغيُّرٍ مهما حصل عليه أحدهما من مكتسبٍ في مشوارٍ تنافسي، لا نقول إنه سينتهي، لكن علينا نتفاعل مع أحداثه، ومتغيراته بعدلٍ لا بمساواةٍ.
المؤكد أننا في انتظار الكثير مما يمكنه أن يكون أكثر أهميةً من مواجهات النصر والهلال، ويقتضي أن نهتم به، ويحتاج من الجميع إلى سعة بالٍ، ومعرفةٍ، وخبرةٍ، وحكمةٍ، منها ما يتعلَّق بالرياضة ككل «نتائج أولمبياد باريس»، وكرة القدم «تصنيف الدوري»، والمنتخب الكروي الأول «استحقاقات مونديال 2026»، و«أمم آسيا 2027»، والاستثمار في الأندية، والخصخصة، واحتراف اللاعب السعودي في الخارج، ودعم ومساندة جهود الدولة في التحضير للاستضافات القارية والعالمية المقبلة.
كأس الدرعية للسوبر السعودي تم تتويج الفائز بها ليلة البارحة في «أبها» مدينة الجمال والضباب، ليبدأ الحديث عن «الجولة الأولى» للدوري السعودي الممتاز لكرة القدم «دوري روشن» الذي يجب ألَّا يتوَّج بلقبه نادٍ بفارق 14 نقطةً عن أقرب منافسيه، ومحسومٌ قبل نهاية جولاته بوقتٍ طويلٍ، كما فعل ذلك الهلال. هذه مسؤولية الأندية المصنفة «كبيرة ومنافسة» لا غير. على الجميع أن يسهم في جعل الدوري «قويًّا» و«مثيرًا»، يأخذ مكانه في التصنيف العالمي، كما هيِّئ له من إمكاناتٍ وخططٍ، وأن يرافق ذلك حُسن عملٍ وتدبيرٍ من الجهة المعنية به «رابطة الدوري» لا غيرها.