هل المشروع الرياضي في خطر؟
الهبت وقائع «السوبر» المدرَّج والإعلام، فانطلاقة «الموسم الكروي» لم تحدث من قبل، وهذا أمرٌ جيدٌ من حيث الشكل، لكنْ تفاصيل المضمون لا تبعث على الاطمئنان، إذ لا يبدو الوضع تحت سيطرة أهل الاختصاص والمعنيين بالمحافظة على تسييره وإخراجه كما يتمنى الجميع.
منصات الإعلام والـ «سوشال ميديا» غصَّت بالاتهامات، والشتم، والتشكيك في أمانة القائمين على المشروع الكروي، والمنظمين للمنافسات، والمسؤولين عن عمل الأندية! واتسعت حملات التحريض، وتنامى التعريض بالأشخاص والكيانات، ولم يعد من الممكن للمتابع أن يفصل بين الحق والباطل، وأن يصدِّق أو يكذب، فالهجوم كاسحٌ، والدفاع ضعيفٌ، ومَن يملك سلطة الفصل والقرار متردِّدٌ إن لم يكن غائبًا.
الثابت الوحيد أن هناك مستفيدين مما يجري في الأندية والإعلام والمدرَّج، «فالأندية» ترى أن هذه الفوضى أفضل مكانٍ للاحتماء به من المساءلة، بينما يحصد «الإعلام» منها الظهور والمال ومنافع أخرى، أمَّا «المدرَّج»، فيفضل حالة الإنكار على المواجهة، والعيش في الوهم عوضًا عن الحقيقة، بالتالي فإن «اللت والعجن» فيما هو مقرَّرٌ في الأنظمة واللوائح من خلال الرأي الشخصي، أو التكييف الكيدي، يحقق الأهداف الخاصة المقدَّمة على المصداقية والأمانة والمصالح العليا.
الرئيس الذي لا يستطيع أداء مهامه المنصوص عليها في اللائحة، ولا يملك قدراتٍ، ولا مهاراتٍ، ولا خبراتٍ إداريةً، تعينه عند طرح آرائه وأفكاره التي يمكن لها أن تقنع أعضاء مجلس إدارته، يشتكي، أو يهرب، لأنه يريد «صلاحياتٍ» خارج إطار اللائحة ومنظومة العمل، وكما يطلبه المشجعون، و«الإعلامي»، يتنطع بالفهم، ويوغل في الإيحاء والكوميديا السمجة، ليفتح باب الاتهامات لنشر الفوضى، ويتحسَّس كرسيه خلف الكاميرا، والمايك، أو الكيبورد، لا يريد أن يتزحزح عنه بأي ثمنٍ، و«المدرج » يرسل ويستقبل، يصرخ ويستصرخ، وينام ويستيقظ في مساحات «إكس» ليكمل دائرة العنف اللفظي المشحون بالأكاذيب، والكراهية، وجميع هؤلاء يزعمون أنهم صالحون، يبحثون عن العدالة التي تتبرَّأ منهم.
جميعنا نرتكب أخطاءً في حق «المشروع الرياضي» كلٌّ بقدرٍ، لكن ذلك يختلف عمَّن يحمل في يده معولَ هدمٍ، وفي قلبه سوادًا، و«وجه بن فهره»، ولا يخجل من توجيه رسائل مباشرةٍ لأعلى الجهات في البلد، مضمونها أوهامٌ وأكاذيبُ وافتراءاتٌ، وإن كان شخصًا مجهولًا، دفعه الهوس الكروي، أو البحث عن الظهور، أو تمت برمجته بما سمع وقرأ، لكن هذا أيضًا خطيرٌ، ومؤشرٌ على التردي الذي حاق بالمجتمع الرياضي، ونذير خرابٍ وإفسادٍ لمنظومة العمل التي تحضِّر لنقلةٍ جديدةٍ، تثب بالعمل الرياضي، وفي مقدمته «الكروي»، وأنديتها إلى مرحلةٍ تحاكي المتقدمة منها عالميًّا، فنيًّا وإداريًّا وماليًّا.
هل نسكت عن كل ذلك خشية أن تلصق فينا «التهم» الباطلة، أم نتصدى لها، ونحاربها بتصحيح المغلوط منها، وردع وفضح مَن يصنع الشائعات، ويسمِّم الأجواء بكل وسيلةٍ، ومَن يستخدمها لتحقيق مآربه أيًّا كانت، وأيًّا كانوا؟ هل تتضامن الجهات الرسمية كلٌّ فيما يخصُّها لحماية «المشروع الرياضي» والقائمين عليه ممَّن يهزأ به، ويستهين بمستهدفاته، أو يتسقط أخطاءه، حيث لا يسلم أي مشروعٍ من الأخطاء في الفكرة، أو التنفيذ، مع قطع الطريق على المتصيدين لها بغرض التشويش والإساءة للأشخاص؟ إن كان كذلك، لنبدأ إذًا برؤساء الأندية الذين يتصنَّعون «الجهل» باللوائح، ويشيعون في أوساط الجمهور تباين مواد اللائحة، والدعم المالي من نادٍ لآخر «الدرج يكنس من الأعلى».
إن تجفيف منابع العنف اللفظي، وصفرية الحوار التي ضربت المجتمع الرياضي في مقتلٍ، يمكن أن تتحقق في فائضٍ من الشفافية، وفتح خزان المعلومات، والمكاشفة، والمبادرة، والتصحيح، والتفنيد، والردع، ومحاصرة الأكاذيب والافتراءات، وحماية العاملين، ووقف التطاول عليهم، ولو قضائيًّا، ومباشرة التعامل مع قضايا الرأي العام دون تردُّدٍ، أو تأخيرٍ، ووضع «بعضهم» ممَّن ينتمون للمجتمع الرياضي بكل مجالاته عند حدهم الذي لا يجعلهم يعتقدون أن في إمكانهم قول وفعل ما يشاؤون من أجل ذاتهم المنتفخة، أو المضطربة والمريضة. للموضوع بقية.