50 ألف جرس إنذار
خمسون ألف متفرج حضروا الجولة الأولى من دوري روشن السعودي، عدد مزعج بلا شك، حتى وإن كانت الجولة الأولى لعبت في ظروف غير طبيعية، وسط شهر أغسطس اللاهب، وفي ملاعب غير مجهزة وفي أوقات غير مناسبة، البعض حذر من أن هذا الرقم مؤشر لعزوف جماهيري يزعم البعض أنه بسبب عدالة غائبة استفزت الجماهير.
حسنًا، أسباب كثيرة خلف ضعف الحضور الجماهيري لانطلاقة الدوري، أسباب بعضها طبيعي مثل إقامة مباريات يوم السبت في التاسعة مساء، وخوض الهلال والاتحاد مبارياتهما خارج ملعبيهما وفي ملاعب صغيرة، والأجواء الحارة في جدة والمنطقة الشرقية، وغضب جماهير النصر من رباعية السوبر، أمور قد تكون سببًا للرقم المتواضع، ولكن لو استمرت الأرقام على حالها في الجولات القادمة فهذا يعني أننا أمام مشكلة حقيقية.
حسنًا، أزعم أن هناك الكثير من الأمور تستحق المراجعة، بعضها قد يتسبب في سخط الجماهير، نعم لا يمكن القياس على عدد الجماهير في الجولة الأولى بشكل قاطع، ولكن قد يكون جرس إنذار، خمسون ألف جرس إنذار، في تصوري أهمها الغموض الذي يحيط بعمليات التعاقدات وموازنات الأندية والتي بدأ الدوري ولم تُحسم الكثير منها، حتى المؤتمر الذي عقده عدد من مسؤولي وزارة الرياضة ورابطة دوري المحترفين لم يكن كافيًا لتبديد هذا الغموض لأن من تكلم فيه لم يكن واضحًا ولا حتى بالحد الأدنى من الصراحة المطلوبة، لم يعلن حتى عن رقم واحد يمكن القياس عليه.
للأسف المسؤولون - كلٌ في منصبه - هم من يتسببون في كل هذه البلبلة وأعطوا المجال للمحرضين والمتسلقين للاصطياد في ماء هم من عكّره بغموضهم غير المبرر، تمامًا كما حدث في موضوع احتراف سعود عبد الحميد لروما وقبله فيصل الغامدي ومروان الصحفي، والأخيران لا أحد يعلم مصيرهما بعد، يُقال إن هناك مشروع وبرنامج يسعى لاحتراف اللاعبين السعوديين في أوروبا، مشروع جميل ومهم بلا شك، ولكن حتى اليوم لا أحد يعلم تفاصيله، حتى الأندية المعنية بالأمر، حتى بات هناك من يشكك في وجوده من الأساس، لا أعلم لماذا لا يخرج القائمون على هذا المشروع ويقولون «نعم سندعم احتراف اللاعب السعودي في أوروبا، وسنعوض الأندية التي يرحل لاعبوها»، فقط بهذه السهولة.
حتى معايير الدعم والتوازن المالي محددة ولكن في أوراق المسؤولين فقط، الشارع الرياضي لا يعلم عنها، أيضًا معايير لجنة الاستقطاب سرية ومسؤولها غامض ولا يعطي إجابات واضحة، الأمر الذي ترك مساحة التشكيك تتسع أكثر، للأسف الشارع الرياضي لم يعد يحتمل مثل هذا، والنتيجة قد تكون مدرجات خالية أكثر، فهناك من يؤجج نظرية عدم المساواة، والمحاباة، والمسؤول بصمته وغياب الشفافية، يسهم في ترسيخ ذلك، كثير من المشجعين فقدوا الشغف، تحت تأثير ادعاء المظلومية الذي يتسع أكثر وأكثر، لأنه ببساطة المعايير التي كانت واضحة في السابق في برنامج الدعم والتحول الرياضي، باتت مخفية الآن.
قليل من الوضوح سيكون كافيًا لإسكات كل الأصوات المحرضة والتي تستغل حالة الغموض لإثارة الجماهير، لا يمكن القبول بزعزعة المشروع الضخم لأن المسؤولين يفضلون العمل في السر.
هناك خطط لا أحد يعلم عنها عدا المسؤول. وأهداف غير معلنة إلا في أجندته الخاصة، وأمور مالية حتى المعنيين بها يجهلونها، وليس للجمهور سوى الشكوى واعتناق عقيدة المظلومية، ولا يمكن لومهم فعبارة «الشيوخ أبخص» لا تبني مشروعًا ناجحًا، كثير من التفاصيل المفقودة تترك مساحة غير مرغوبة للجدل.