2025-02-22 | 22:19 مقالات

مغربل لغربلة الإرهاب

مشاركة الخبر      

بعد انتهاء مواجهة لوسيل الدوحة، عدتُ برفقة مجموعة من الصحافيين إلى الفندق، وكان من بينهم صحافي من الأرجنتين بدا عليه الامتعاض محدقًا في هاتفه. فجأة، أطلق ضحكة عالية قطعت عليه مرارة الهزيمة التي ألحقها الأخضر السعودي بمنتخبه. سألته عن السبب، فقرأ لي تعليقًا متداولًا في منصات التواصل الأرجنتينية: «إنها أكبر مفاجأة يفجرها السعوديون منذ 11 سبتمبر». استأت من الوصف، وألقى بظلاله على فرحتي، لكنه دفعني أيضًا إلى محاولة فهم الصورة النمطية التي يحملها الإعلام اللاتيني عن العرب.

وفي الدوحة، سمعت منه ومن غيره من اللاتينيين، وأدركت فورًا أن التصورات السائدة لديهم تنحصر في ثلاث نقاط رئيسة: المال والتعدد والإرهاب. بل إن البعض يخلط بين العرب والأتراك والفرس، في حين يختصر آخرون مفهومهم عن السعودية في صورة مقتضبة تربط دبي بالرياض.

قد تبدو المقدمة محبطة، لكنها تفتح باب التفاؤل. ففي خطوة حسنة، طار وفد من رابطة الدوري السعودي إلى البرازيل الشهر الماضي بقيادة رئيسها التنفيذي عمر مغربل، والتقوا بلا ربطات عنق بمسؤولي الكرة والإعلام. أدرك الوفد هناك أن التركيز على أوروبا وحدها لم يكن المسار الأمثل، فأعادوا توجيه الجهود نحو «الجنوب العالمي The Global South». وقد كشفت الزيارة عن واقع مغاير، فالجمهور البرازيلي يتابع الدوري السعودي بشغف، ويتفاعل بصدق مع أنديتنا، ويتمنى الفوز للاعبيها.

هذا المسار ليس جديدًا، ففي عام 2015 نشرت الشقيقة Arab News مقالًا للكاتب رشيد أبو سمح، تناول فيه محاولات الإعلام البرازيلي المستمرة لربط العرب بالإرهاب لتعزيز تلك الصور النمطية عنا. واختتم مقاله بتوصية قيّمة: «يقع على عاتقنا تثقيف الجمهور البرازيلي ليحترمنا ويتعرف بشكل أفضل على ثقافتنا وتاريخنا وديننا، التي تتميز بالغنى والعراقة».

من هنا، ندرك أن مشروعنا الرياضي ليس مجرد منافسة في الملاعب، بل بات منصة تحمل رسائل أعمق للعالم، تتيح لنا إعادة رسم الصورة الذهنية عنّا. ومن شأن تعزيز تواصل الرابطة مع الجماهير الدولية أن يفتح آفاقًا أوسع، مزاحمًا بذلك الدبلوماسية التقليدية، ومختصرًا الكثير من الوقت والجهود لتحقيق تغيير حقيقي في المفاهيم السائدة، وتغربل صورة الإرهاب الرثة. فالبرازيل أمة ونحن خير أمة.