سقوط الصحافة
يلجأ المسؤول للصحافة لتهيئة الرأي العام، ويستخدم المُحرّر لوضع قراره المُرتبك في خانة القبول. وهذا أمر مسيء للمهنة العظيمة، وسقوط كبير لقيمها الرفيعة.
لم تكن مهنة المتاعب ممرّا لأي تضليل، لكنّها الأيّام التي ارتفعت فيها المصلحة الخاصة على أُسس الحقيقة.
أمامنا هذه الأسابيع، قصة لاعب العروبة رافع الرويلي واحتجاج نادي النصر على عدم أهلية مشاركته بسبب انشغاله بعمل آخر، خلافًا للائحة الانضباط والأخلاق. ومع قرار اللجنة بسلامة مشاركة اللاعب، وصحة تسجيله كمحترف، وبطلان احتجاج النصر من الناحية الموضوعية، تكشّفت العديد من الأمور.
فلجنة الاحتراف لا تتحقّق من تفرّغ أي لاعب، وهي تنأى بنفسها عن ذلك، وفي حال اشتكى نادٍ من وقوع خطأ، فإن القوانين الحكومية تمنع التحقّق واختراق خصوصية الإثبات، لتبقى القضيّة دون وجاهة، مع نقصان فقرات وبنود اللوائح.
ولو افترضنا أن هناك نحو 18 حالة مثل حالة الرويلي في أندية «روشن»، فإننا لن نجد العذر لأنظمة الاتحاد السعودي لكرة القدم، على اعتبار أنّها تركت مسألة إثبات التفرّغ دون مسؤولية منها. ومع التوجه لتعديل الأنظمة في الموسم المُقبل فإن حق نادي النصر قد ضاع بسبب خلل النظام، وخوف اللجان من الاعتراف وإصلاح الخلل.
وبالإيمان بما تُقدّمه الصحافة من تنوير وكشفٍ للحقائق، فقد تحوّلت إلى لاعب رئيس في دعم الخطأ وعدم إصلاحه، وذلك بوقوفها مع الانضباط والأخلاق، وخرقها لقواعدها الرفيعة، بسبب رغبة في التقرّب من مسؤول أو العمل معه على نحوٍ خفي، ورفع الصوت بأن الشكاوى ووضع الإصبع على الخلل يصبّ في خانة «المساس بسمعة الكُرة السعودية»، وهذا سقوط ليس بعده سقوط.
أنّ الصحفي الذي يركض خلف طمعه لا وراء قواعد مهنته يُلحق الضرر بالجميع، وأنّ المُحرّر الذي يرتضي أن يكون «منشفة» للمسؤول سيأتي عليه يوم وُيرمى مع تبدّل الكراسي وتغيّر المراحل.
لقد كانت المهنة العظيمة بعيدة عن الوقوف مع أحد إلا مع القارئ في ثنائية وفاء لم تكن لتنفك لولا بروز الاختلال المهني.
إن السقوط الكبير للصحافة لا يعني موتها، وإن اتسعت «المنشفة».